في بعض الدول إذا تم العثور على أدوية مزورة يتم إعدام من أدخلوها إلى البلاد، وفي بعضها يتم الحكم عليهم بالسجن المؤبد، وفي بعضها تصادر مؤسساتهم ويحكم عليهم بالسجن لعشرات السنين.. وفي موريتانيا يتم حرق الأدوية المزورة أمام عدسة التلفزة الموريتانية وبحضور الحاكم والقاضي وشخصيات من الشرطة أو الدرك في ترتيب وصياغة للخبر تجعله أمرا ثانويا وعاديا لا يستحق أي زخم، وطبعا دون أي ذكر لأي اعتقال أو متابعة لمن قاموا بتزويرها.. ما لم يكن للبلد قانون رادع فلا فائدة من كل هذه الإجراءات.. لقد تابعت تقرير وزير الصحة بأن كاميك ستكون المستورد الوحيد للأدوية وأن كل دواء يدخل إلى البلاد مستقبلا سيحمل علامة كاميك للتفريق بينه وبين الأدوية الأخرى.. ومع إدراكي بجدية الوزير وإخلاصه وصدق الحكومة في محاربة هذه الظاهرة فإني لا أعتقد أن الاحتكار هو أحسن الطرق لمنع التزوير فالاحتكار له سلبياته الكثيرة المعروفة، وتجار موريتانيا معروفون بالشطارة ومن أبسط الأشياء لديهم محاولة شراء ذمة إدارة كاميك وكبار مسؤوليها أو تزوير علامة كاميك ووضعها على الأدوية المزورة وإدخالها إلى البلاد دون علم كاميك.. الحل الحقيقي لا يحتاج إلى كثرة الإجراءات ولا إلى كثرة الاحتكارات الحل في العقوبات الرادعة والقانون المفعل.. منذ أن احتكرت كاميك الأدوية الأساسية قبل سنوات تضاعفت أسعار الأدوية وعجزت كاميك عن توفيرها في فترات عديدة مما فاقم من أزمتها وزاد العبء على المواطن الضعيف.. افتحوا السوق على مصراعيه كي تحصل المنافسة الحرة ويزدهر الاقتصاد وتنخفض الأسعار لكن راقبوا جودة الأدوية ومن أدخل دواء مزورا فعاقبوه هو وكل من تمالأ معه من الإدارات والجمارك واصحاب الصيدليات أقصى عقوبة حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر .. وعندها لن تحتاجوا إلى احتكار كاميك ولا علامتها التجارية ولا بيروقراطيتها.. الحل ليس في أن تتحول الدولة إلى دولة تاجرة فهذا جرب في الكثير من الدول وفشل.. الحل في أن تنشئ الدولة القوانين الرادعة وتوقع أقصى العقوبات على المزورين والمخالفين لمعايير الجودة والمواصفات القياسية المطلوبة..
الحسين بن محنض