في العالم 2015 , اكتشفت موريتانيا حقلين مهمين من الغاز هما حقل باندا، وحقل جراند تورتو أحميم للغاز الطبيعي على الحدود البحرية مع السنغال ، وفور ذلك تم وضع خطط لتطوير الحقلين والتوقيع على القرار النهائي للاستثمار نهاية العام 2015.
وبعد سلسلة من التعثر تم التوقيع رسميا على بداية انتاج أول شحنة من الغاز الموريتاني السنغالي المشترك على أن تكون النصف الأخير من العام 2023 ،فاصطدمت تلك الشحنة بعقبات الأشغال التي أجلت الشحنة الى نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل،ينظر الموريتاني بكثير من الإيجابية للغاز، حيث تعول الدولة الموريتانية على انشاء محطة لتصدير الغاز المسال وكذا بناء محطة كهربائية من هذا الغاز بقدرة 220 ميغاوات إنتاجية.
جدير بالذكر أن شركت بي بي لبريطانية هي من تشرف على تطوير هذه الحقول الغازية بالتعاون مع شركة كوسموس الأمريكية.
تبلغ موارد حقل أحميم وحده حوالي 15 تريليون قدم مكعبة من الغاز المسال.
سبق للبلد أن عرف أيضا انتاج النفط حيث اكتشفت احتياطاته أول مرة سنة 2001 بعدها بدأت شركة وودسايت الأسترالية انتاج النفط عام 2006 بحوالي 75 ألف برميل يوميا من النفط لكن هذا الإنتاج تراجع الى حوالي 30 ألف برميل يوميا في نفس العام , ليصل في العام 2011 الى 7500 برميل يوميا فقط وهو عشر الإنتاج المتوقع أصلا , ليهبط الإنتاج الى 6500 برميل يوميا 2013 ويستمر في الهبوط الي 6000 برميل فقط عام 2014 ثم 5200 برميل 2015 ليصل الى 3420 برميل 2017 لينتهي الأمر الى تعليق الإنتاج بداية 2018 و غلق الحقل رسميا, هذه النهاية، وما واكب أول شحنة من النفط الموريتاني والحديث في الاعلام الغربي أن موريتانيا تحولت الى مصاف الدول المنتجة للنفط وما يعنيه ذالك من انتعاش اقتصاد ورفاه سكاني خيب آمال الكثيرين , لكن سرعان ما غطي الغاز بظلاله على هذه الخيبة .
بالعودة الى موضوع الغاز والأشغال القائمة فيه يحق لنا كمواطنين موريتانيين أن نطرح أسئلة عديدة عن ضعف استفادة العمالة الموريتانية من الأعمال القائمة هناك مقارنة بالسنغاليين والأجانب أيضا، حيث سيبدأ الإنتاج في آبار موريتانية خالصة ، ثم بعدها ستصل الأشغال الى الآبار المشتركة.
يهمني هنا أن أخاطب الوزير الأول ووزير الطاقة وأن أقول لهم أنه من أصل حوالي 500 عامل على المنصة، هناك 400 مواطن سنغالي أما العمال الموريتانيون فلا يصلون الى 10 أبدا، لماذا لا نفرض على الشركات أن تستثمر في تكوين الموريتانيين، أم أن الأولوية هي فقط للإنتاج؟
على المستوي البيئي والسلاماتي فان انتاج الغاز يصحبه الكثير من المخاطر على البيئة البحرية وثرواتها فأين تكوين الكوادر الموريتانية على هذه المخاطر الجديدة علينا.
نحن في الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة نحذر من انعكاسات انتاج الغاز بشكل غير مدروس على بيئتنا البحرية وعلى سلامة الموريتانيين العاملين هناك ، لكن لا يعقل أن تقبل الدولة الموريتانية أنه يوجد كم كبير جدا من العمالة الأجنبية على حقولها دون وجود موريتانيين حتى بنظام التدريب فمثلا لن يقبل أي أجنبي حتى يكون معه متدرب موريتاني في فترة 3 أو 6 أشهر يتدرب الموريتاني ويستغني عن الأجنبي فبهذا تكون استفادتنا مهمة ومتعددة وعلى كل المستويات.
ان أي نية إصلاحية تجب أن تنعكس إيجابيا على المواطنين وحياتهم.ومستوي تكوينهم ويجب أن نستفيد من تجربة السنغال التي تعكف حكومتها على مراجعة شاملة لكل اتفاقياتها في هذا المجال بغية الإستفادة أكثر.من موادها،بعيدا عن الأرقام التي يقدم المستثمرون.
لقد آن الأوان لإنشاء مجلس للبيئة والسلامة في مجال الطاقة والمعادن مستقل عن وزارة البيئة و حتي عن وزارة الطاقة ،يُعهد إليه تشخيص المشاكل البيئية والسلاماتية و كذا احترام المستثمرين للنظم والمواثيق البيئية والسلاماتية العالمية،لقد دفع العمال في شركات المعادن أرواحهم نتيجة انتشار أمراض جديدة لم تكن معروفة ،هنا لا تقف الجهات الرقابية عليها ولا تتابعها وهذا يؤدي إلى الوفيات فى صفوف العمال والمهنيين.
نطالب الدولة الموريتانية بتحمل مسؤولياتها و وضع ضوابط صارمة للتعامل مع النظم البيئية العالمية في احترام تام للبيئة والعمال.
محمد عينين احمد
رئيس االجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة