لم يكن، و لن يكن هجوم إيران و أدواتها على شركة أرامكو ، مفخرة الصناعة النفطية في المملكة العربية السعودية، هو الأول و لا الآخر؛ فالعدوانية الفارسية للعرب قديمة قدم دين الإسلام نفسه و الفتوحات الإسلامية التي قادها جيش عربي خالص و بقيادة و تخطيط أبطال عرب قادمين من عمق الصحراء في جزيرة العرب ؛ ففتحوا مدينة المدائن، عاصمة فارس، عنوة في العراق العربي ، و أنهوا بذلك هيمنة دامت طويلا لإمبراطورية وثنية فارسية ضاربة في القوة و راسخة في التاريخ. و عندما كشرت الإمبراطورية الأمريكية عن أنيابها، مع حلفائها و عملائها من عرب الحنسية، و دخلت مرحلة تنفيذ عدوانها 2003 على العراق و غزوه و احتلاله ، لم يتأخر حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي و قيادته القومية ، و قيادة قطر العراق ، في فضح أبعاد المشروع الحقيقية للغزو الأمركي للعراق، و حذرت قيادتنا جميع الأنظمة العربية من خطورة ما ينتظر أقطارهم بعد تحطيم العراق ؛ و كشفت أن الغزو يستهدف الأمة العربية في وجودها و هويتها و كامل جغرافيتها بثرواتها ، بغض النظر عن الأنظمة و نوعيتها و عن مدى شراكتها أو عمالتها مع الولايات المتحدة الأمريكية .
و يأتي استهداف إيران الواضح للمملكة العربية السعودية ، و الذي عرف تطورا نوعيا و خطيرا في ضرب معامل أرامكو، كحلقة في سلسلة متكاملة و متواصلة من الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني و إيران لإضعاف و استنزاف المملكة ، على طريق إغراقها في مستنقع الحرب في اليمن ، حيث تدعم إيران، و من ورائها أمريكا و الكيان الصهيوني، جماعة الحوثي، تماما كما حصل مع العراق خلال حصاره ثلاث عشرة سنة بهدف إضعافه ، انتهى بغزوه و احتلاله من طرف هذا الثالوث اللعين ، برغم الشعارات العدائية التي يرفعها نظام الملالي ، و برغم حرب الكلام و التهديد التي توعدت و تتوعد بها مختلف الإدارات الأمريكية المتعاقبة نظام الولي الفقيه، منذ 1979!
إننا في حزب البعث العربي الاشتراكي - القطر الموريتاني إذ نعيد التأكيد على دعمنا للتحالف العربي في تصديه للذراع الحوثي ، التابع للولي الفقيه في اليمن، فإننا نعيد التأكيد بذات التصميم و الثقة المبدئية أن هذا التحالف لن ينجح في أهدافه المعلنة، التصدي لإيران و تغلغلها و مشروعها التفتيتي في الوطن العربي، ما لم يدعم هذا التحالف المقاومة الوطنية في العراق ، و مقاومة شعب الأحواز في الأحواز العربية المحتلة من إيران منذ 1925. فحين تتوفر هاتان المقاومتان على الدعم المناسب من التحالف العربي في اليمن ، فلن يكون في وسع نظام الملالي أية قدرة على دعم بقية مخالبه ، لا في اليمن و لا في لبنا ، و لا في سوريا و البحرين. و إننا ندعو القيادتين في المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة إلى مواجهة الواقع و الحقيقة ، و فك الارتباط مع وهم التعويل على الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود حلفا سريا و استيرايجيا مع الكيان الصهيوني و إيران يعمل على تفتيت الأقطار العربية ، بالحروب الأهلية و إثارة و تشجيع الفتن المذهبية و القبلية و الأقليات ، و خاصة في الأقطار ذات الثقل سكانيا و اقتصاديا، و كذلك الأقطار الواقعة على أطراف الأمة، مثل موريتانيا و السودان.
22 سبتمبر 2019.
مكتب الثقافة و الإعلام.