
الأخ العزيز دفالي
إن هذه الذكرى الثالثة لرحيل أخينا الوفي محمد يحظيه ولد إبريدالليل تذ كرني بيوم لن أنساه أبدا.. ذلك اليوم الذي ملا قلبي حزنا حين اخبرت بكل أسف ومرارة
بوفاته. كان ذلك يوم 13 يناير 2021 لقد فارق الفقيد دنيانا الفانية قبلنا مؤكدا لنا بأن وجودنا في هذه الحياة محدود.
انا سعيد لأني شاركت مع الفقيد في جزء من الحياة حيث عرفته في صيف عام 1966 وأنا تلميذ في الثانوية الوطنية وشديد الاهتمام بالسياسة الدولية. وبمعية الفقيد ومعه لقد تعلمت الكثير عن القضية الفلسطينية والأوضاع في الشرق الأوسط وأهمية الصحافة ودورها. هذا التبادل المنتظم والمفيد الذي شاركت فيه بعض الشخصيات عزز علاقاتنا بشكل كبير وشعرت بالرعاية الجيدة.
في نهاية عام 1969 انخرطت في الحركة التي أصبحت فيما بعد الحركة الوطنية الديمقراطيه.
بيد أن هذا الانتماء السياسي الجديد لم يؤثر على علاقاتي مع المرحوم محمد يحظيه فبقيت هذه العلاقات مميزة بالمودة والاحترام ذلك ان المعني كانت له ملكة متميزة في فن غرس الصداقة والاحترام. لقد كنت على الدوام أقدر كل التقدير قدرته الفائقة على الإنصات للأخرين وحرصه الدائم على التعرف أكثر على شخصية الآخر فكان يظهر انفتاحا كبيرا والاهتمام الكامل تجاه الآخرين.
إن الاحترام خصلة أعمق من مجرد الأدب واللباقة فهو منزه عن كل نفاق. كذلك يشكل الاحترام أحد أسس العلاقات بين الأفراد يتطلب فهما وتقاسما للقيم على مستوى شخص أو فكرة. إنها قيمة جد
نبيلة فهي مبنية على الاعتراف لكل شخص بكرامته ومبنية من جهة أخرى على قبول التباين في وجهات النظر. وهذه القيمة الأخلاقية السامية تتطلب حب التعرف على الآخر وتتطلب من جهة أخرى قدرة كبيرة على الإنصات النشط والجاد كما تستدعي اتصالا مفتوحاً واحتراما متبادلا. فكما نعلم إن الخصال العلائقية تسمح بخلق جو من الثقة. وهكذا ومع مرور الزمن بقيت علاقاتنا مميزة وهو ما كنت ألاحظه عند فقيدنا. ففي كل مرة كنت أشاهد ابتعاده عن الزوابع المتنامية والتي دفعت الكثير من أعضاء نخبتنا نحو مسلكيات غالبا ما تكون بغيضة. وهو ما كان يزيد من إعجابي بالمعني ومن إحترامي الكبير له في عصر تميز بانهيار القيم الأخلاقية. يمكن ملاحظة صدقه بسهولة لأنه دائمًا مسالم ومتصالح مع نفسه وهادئ. إنه مثال نادر في الوفاء السياسي والصدق والشفافية، على الرغم من كل الصعاب لأنه من المكلف أن تكون مخلصًا في عصر يضع فيه السياسي نفسه من خلال وضع مشهد جذاب ومصطنع يعتمد
على الأكاذيب. ولنتذكر الآن أن انحطاط الثقة نحو المؤسسات السياسية يعد ظاهرة عابرة أو محلية.
إنا لله و إنا إليه راجعون كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
اللهم اغفر له وارحمه و تقبل منه و أحسن مثواه يا أرحم الراحمين
المذرذرة، 14 يناير 2024
التجانيي محمد الكريم