حادث القطار

قطار موريتانيا هو شريان حياتها و مغذيها ... حادث خطير ، و لكن سلم الله , سائقي القطار كانوا  مرهقين  ، و كغيرهم من عمال شركة مناجم موريتانيا ( ثاني اكبر مصدر لخامات الحديد في افريقيا ) ، ظروفهم صعبة ، بقية العمال و فرق الصيانة  كذلك ، الشركة نفسها ، مقرها الرئيسي في نواذيبو  لا يعكس صورة شركة دخلها مليارات الدولارات ، الشوارع بين المكاتب ، و المكاتب كلها متهالكة ، فأين صرفت أموال سنيم ؟  و اين اهتمامات الدولة ،أين انصرفت عقول أهل موريتانيا ؟ وكيف تخلى الجميع عن الدولة ليتوجهوا للسياسة  , لقد اتجه الكل للسياسة، مهندسون ، ضباط سامون ، وزراء ، شيوخ قبائل ، تجار ، أطباء. فنيون ، حرفيون ... الجميع يمارسون السياسة ويندفعون في الانتخابات و الاجتماعات  التحضيرية للمأموريات ، و للتنافس علي استقبال الرئيس في الولايات ، ولتتوقف الدولة و الادارات كلما سافر الرئيس او اي و وزير , تتوقف التوقيعات و يتعطل العمل و يتوقف الزمن.

 

لقد تحولت الدولة الي شعارات و تسابق للاعلان عن  الانجازات ، و لا تهم الاولويات , جسر باماكو ، ليس من الاولويات ، بل ان جسر مدريد اولي منه ، و جسر الحي الساكن لأن عليهم زحمة و حركة مرور  و رغم ذلك ، يتسابق الوزراء لأنهاء جسر باماكو ليسجلوه في الإنجازات .

 

لقد كنا في الماضي ، كان الجيش منشغلا في ثكناته و مهامه ، لا يدخل عليه لا زيدان و لا علان  مغنيا او مادحا ،  و لا يرسل افراده و قادته الي الداخل لجمع الاصوات لهذا الرئيس او ذاك ، و كان المهندسون واقفون علي الميدان ، ساهرون علي سكة الحديد ، علي الطرقات ، علي الموانئ ، الأطباء كذلك كانوا يأدون واجبهم، و غيرهم من موظفي الدولة ، الكل كان يسهر علي أداء واجبه بإخلاص و ولاء ولو نسبي للدولة  و لكن فجأة تخلى الجميع عن مهامهم و عن الدولة لينخرطوا في السياسة ، فأصبحت هي كل شيئ .

 

لقد وجد الكل ضالتهم في السياسة ووجدوا انها هي انجع طريق للثراء السريع ، و للوصول للقمة و المناصب العالية في الدولة ، ووجدوا ان السياسة و نشاطات الحزب وبرامجه أولي من  حركة القطار ، و صيانة طريق القطار ، و تحسين ظروف سائقي القطار , هكذا تتجه الأنظار و هكذا تتجه البلاد ، صورة ضبابية ، ملامحها مطلسمة ولكن الأمل في الله وحده ، و في الرجوع للأولويات ، و تحسين ظروف القطارات و مراقبة الأسعار و الادوية و المستشفيات و تطبيق مبدأ العقوبة و المكافآت ومراجعة بناء المطارات و عقود صيانة و تسيير المطارات   5% هي استفادة دولة موريتانيا من عائدات  تسيير مطار ام التونسي لسنوات , مقابل بناء فندق خمس نجوم , اين الفندق , وقد مضت السنوات ,  صفقة غريبة كغيرها من الصفقات , و من الأولويات رجوع رجال الدولة الي ثكناتهم المدنية و العسكرية و تمسكهم بمؤسسات الدولة لا بالأحزاب و السياسات المتغيرة من حين لآخر, فالدولة هي الكيان الثابت اما السياسات فمتقلبة مثل أصحابها متقلبون و في كل واد يهيمون .

 

 

·         البشير ولد بيا ولد سليمان  

 

سبت, 25/11/2023 - 12:35