مرة أخرى، يأتي الهجوم الإرهابي الجديد، بطائرات مسيرة على كبرى محطات ضخ النفط التابعة لشركة "أرامكو" بشرق المملكة العربية السعودية، ليدق ناقوس خطر داهم يحدق بأمة العرب اليوم أكثر من أي وقت مضى.. مُنذرا بأن لا جدوى من أمن قطري أو إقليمي خارج منظومة الأمن القومي العربي التي تشكل الوحدة الطوعية بين أقطار الوطن العربي إطارها الطبيعي الأمثل. وقديما قال العرب "رُبَّ ضارَّةٍ نافعة".. واليوم، يشاهد كل العرب من الخليج إلى المحيط، عبر القنوات والأقمار الصناعية، صور سحب الدخان الكثيف المنبعث من محطات النفط السعودي.. لذا لا بد العرب أن يتذكروا مثلا آخر يحذرنا بأن "العاقل لا يلدغ في الجحر مرتين"..
لقد طفح الكيل، وبَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى.. ولم تعد تكفي الردود الجوفاء.. والمواقف الباهتة، والمجاملات.. وعبارات الشجب والاستنكار والتنديد.. والوقوف مع الطرف المعتدى عليه.. والتضامن معه..
لقد حان الوقت لكي يأخذ العرب مسؤوليتهم التاريخية.. كل العرب، رسميين، ومنظمات أهلية وهيئات حزبية ونقابية، ومواطنين عاديين من جميع الفئات والأعمار.. ليهُبُّوا جميعا من أجل نصرة الرياض ضد كل من يحاول استهداف أمن المملكة وشعبها، ومصالحها الحيوية.. لأنهم بذلك إنما يدافعون عن أنفسهم وعن كرامتهم.. وعزتهم.. وبقائهم..
وقد سبق أن أوضحنا موقفنا قبل عدة سنوات، في بيان اللجنة الشعبية الموريتانية لدعم ومناصرة عاصفة الحزم بتاريخ 22 إبريل 2015، كما أكدنا منذ 2017، على أن واجب كل عربي نزيه ومخلص لوطنه العربي، في هذه المرحلة الحاسمة والدقيقة، يقتضي منه أن يكون بجهده وجسمه، فإن لم يقدر، فبقلبه مع محمد بن سلمان، في هذا الأمر الاستراتيجي الهام والمستعجل الذي يعني جميع العرب، ألا وهو السعي لخلق جبهة شعبية موحدة ومنيعة، تلمُّ شمل الطيف السياسي والشعبي العربي، وتوفر المساندة والدعم لمن بقي من الرجال العرب الذين رفضوا أن يفقد العرب روحهم، ومفهوم جنسيتهم العربية وانتمائهم الحضاري، أمام غطرسة وغدر السَّاسَانيِّين الجدد، المَسْكونين بدافع الثأر لملوكهم القدامى أردشير، وسابور، وهرمز، ويزدجرد، وكسرى، ورستم وغيرهم. لذا يتوجب على الإخوة جميعا في الخليج العربي أن يقدموا الدعم والمساعدة للقوى العربية التي برهنت تاريخيا وميدانيا على جدية وفعالية تصديها للأطماع الفارسية وكبح جماح التوسع الإيراني في المنطقة، وعلى رأسها الرفيق المجاهد عزت إبراهيم الدوري.
الآن.. وبعد هذا التطور الخطير لمستوى الأعمال الإرهابية التخريبية الجبانة، التي تستهدف أمن واستقرار السعودية والمنطقة، بل والأمة العربية جمعاء، كما تهدد سلامة إمدادات الطاقة إلى العالم، فلن يتوقف النزيف.. ولن تتغير قواعد الإشتباك، إلا إذا صمم العرب جديا على دحر الفرس وإخراجهم من أرضنا، لكي يكون لحياتنا معنى، ولتطلعاتنا المشروعة في الكرامة والحرية هدف وغاية.. عندئذ سيتخذ مشروعنا القومي السامي كل معانيه، ذلك المشروع النبيل، الذي يريد أن يصالح العرب مع أنفسهم، ومع التاريخ، أي مع المسار الخلاق للزمن، ويصالحهم مع ضرورات الحياة العصرية، ويعيدهم من جديد إلى محور الحضارة والتقدم والإبداع..
إننا في الوقت الذي ندعو فيه كل العرب للوقوف إلى جانب الأشقاء في المملكة العربية السعودية، لَنَهيبُ بالحكومات في مشرق الوطن العربي ومغربه، بأن تبادر فورا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، من أجل إعطاء إشارة قوية لتصميم العرب على الدفاع عن أنفسهم والحفاظ على عِزَّتِهم ومصالحهم الحيوية..
الرأي السياسي
أنواكشوط، 17 محرّم 1441هـ الموافق 16 سبتمبر 2019م