عندما فرض الحظر ووجدت متسعا من الوقت بدأت بمراجعة بعض الكتب التي كنت قد ألفتها سابقا مع تدوينات عن وباء كورونا. كواجب وطني..
وقد استبشرنا خيرا بهذه الحكومة الجديدة فعلى الأقل اصبح لما نكتب معنى وهو ماسيعطي اهتماما خاصا بالعلم والثقافة.....
كنت قد كتبت مقالات منذ عقدين من الزمن عن واقع الثقافة في موريتانيا اتسمت بعناوين مختلفة تقارب بين الخوف والرجاء مثل: العقول الموريتانية المهاجرة !!.. ومأساة المثقفين والمبدعين في موريتانيا. وثقافة التحصيل بين الشناقطة الأوائل والشناقطة الجدد..والباحث الموريتاني بين التهميش في الداخل والعروض المغرية من الخارج : وهل ساهم المتقف الموريتاني في القضاء عليه؟؟ وبعد معانات كبيرة في الدفاع عن الثقافة والمثقف ولا حياة لمن تنادي كتبت مقالا اختتمت به هذه المعانات بعنوان رحم الله المثقف الموريتاني!
مبرزا الأسباب التي أوصلته لهذه الحالة المزرية ومتسائلا في الوقت نفسه عن مستقبل هذا البلد الذي كان حاملا يوما ما مشعل العلم الى العالم حتي قيل أنه لم يحقق شيء إلا بالثقافة..وهل هناك أمل في أن تسترجع شنقيط بعضا من تألقها الفكري!
ان العلم هو السبيل الوحيد لشحذ ههمم المجتمع..والاستفادة من طاقاته للامحدودةء، فهو يعنى التقدم والقوة والرقي ولهذا قامت الدول المتقدمة بتحويل المراكز العلمية والجامعات بها لمنارات للعلم تجذب لها الباحثين والعلماء من كل أنحاء العالم، خاصة الدول الفقيرة والنامية والتي تحولت إلي بلاد طاردة للعلماء والباحثين..
وهذا ماشاهدناه على القنوات التي تنقل جانحة كورونا على مدار الساعة فا الأطباء وخبراء الصحة في أوروبا اكثريتهم من الدول النامية فهذا رئيس الوزراء البريطاني يدين بحياته للفريق الذي أشرف على علاجه من الوباء و كان المشرف عليه مصري الجنسية وهذا فريقا في ألمانيا يجد ترياقا للوباء كان من بينهم تونسي...
وهذا رئيس فرنسا ماكرون يدخل في أكبر مراكز البحث الفرنسي ليتفاجأ بان غالبية الخبراء عربا أو أفارقة.....
وبلدنا ليس نشازا فهو وان لم يكن طاردا للباحثين بشكل مباشر فهو طاردا لهم بشكل غير مباشر بتهميشهم وعدم الاعتناء بهم و مشاركتهم والاستفادة منهم ...
وقد لا يعي مايعانيه الباحث في حياته التى قدرت له أن يحياها فجميع أعماله مضنية ومرهقة، فلابد له من معاشرة الكتب معاشرة قد تدوم أسابيع أو أشهر اًو أعواما، وتقتضي جلسات عديدة للمراجعة والتدقيق والتحقيق في المراجع والدوريات والمظان لما يمكن اظهاره من نصوص أو حذفه...
كما لابد له من الاطلاع عن كثب على كل ما كتب عن الموضوع المدروس. و التحري عن مدى مصداقيته ليفاضل وينتقي ويختار ويحسن الاختيار.ناهيك عن الجلوس لساعات طوال خلف المكتب والتفكير العميق وشحذ المخيلة واستلهام الخيال واستنطاق الوحي والانعزال عن الناس والتوحد...
وقد يأخذ هذ العمر كله من صاحبه ولكن المؤلف لايجد لذته الى في هذه الأوضاع مجتمعة ولا تكتمل نشوته إلا اذا كانت هناك جولات وصولات من النقد البناء ليصحح ويصوب ماعجز عنه منفردا.. ومع هذا كله فانه يكدح ويعمل جاهدا من أجل تحصيل لقمة عيشه,,وبهذا تكون فترة انتاجيته مقسمة بين انتاجه الفعلي وإنتاجه العملي مما سيحد من انتاجه الفكري..
ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وبدون مقدمات مرضت الوالدة في مدينة ازويرات مرضت من سهرت علي الليالي. و كانت لي الاب والام وكل شيء ..ومهما قلت فلن اجزيها... حقها.. !!
مرضت من ضحت بشبابها من أجل آن احصل على أعلى الدرجات العلمية في موريتانيا: جائزة شنقيط للدراسات الإسلامية في نسختها الثانية سنة 2003م
وانتشرت مؤلفاتي في العالم:
معرفة الله: دلائل الحقائق القرآنية والكونية الطبعة الأولى دار الوثائق دمشق 2001م الطبعة الثانية، دار وحي القلم سنة 2002م بيروت لبنان.وهو الحاصل على جائزة شنقيط.
https://www.neelwafurat.com/itempageMobile.aspx?id=lbb163734-126352&search=books
دين الفطرة: استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة إنسانية الطبعة الأولى دلهي الهند، الطبعة الثانية بدمشق دار المعراج بيروت لبنان / دمشق سوريا 2014م.
https://www.neelwafurat.com/itempageMobile.aspx?id=lbb240835-220911&search=books
بالإضافة إلى مئات المقالات المنشورة وعشرات الكتب المرقونة...!!
الا تستحق هذه الام العظيمة ان تنجح في عملك وترزقها فرحة تنسيها التعب والمشقة التي بذلتها ؟؟
ولكنها الان تعاني من المرض بعيدا عن المدينة التي اسكن فيها ونتيجة لظروف مرض كورونا والحجر الصحي لا يسمح بالسفر بين الولايات ثم انه نتيجة لطبيعة العمل: التأليف والبحث العلمي المتوقف في موريتانيا منذ سنوات لا يوجد من المال ما يمكن إرساله لها وقد صعبت هذه الجاءحة الأمر حيث حالت بيننا وبين ريع البحوث التي كنا نحصل عليها من الخارج...!!
لم أتصور يوما ان المجتمع الموريتاني وصل إلى مرحلة اللامبالاة وان البعض من المقربين قد تغيره الوظيفة او المنصب..وقد كان في يوم من الأيام يطالعنا بمناقب علية القوم وانه لن يتغير مع الزمن مهما حصل....!!
حسب هؤلاء آن يتركوا بصمة على جبين التاريخ ويبدوا أنها للاسف هذه المرة خجولة!!
اننا جميعا قصصا تروى عبر الزمن على حد قول ابن دريد:
وَإِنَّمـا المَـرءُ حَـديـثٌ بَـعـدَهُ
فَكُن حَديثـاً حَسَنـاً لِمَـن وَعـى