بعد ما نسب للأستاذة ساندريللا مرهج من أن موكلها، رئيس الجمهورية السابق السيد/ محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم أمام محكمة الفساد، ذكر لها، أنه حصل على ثروته من حاكم عربي، أنشر لفتات دبلوماسية (1) ودستورية (2) وقانونية (3) وشرعية (4) حول الهدايا المقدمة لرؤساء الدول أثناء ممارسة مهامهم:
1. اللفتة الدبلوماسية
تبادل الهدايا من الشيم المتعارف عليها لدى البشرية منذ القدم وليس من المجانف للأعراف الدبلوماسية تلقي رؤساء الدول لهدايا رمزية (تحف، قطع أثاث، لوحات) أثناء زياراتهم واستقبالاتهم.. ففي فرنسا تلقى الرئيس افرانسوا هولاند، مثلا، على مدى مأموريته، التي طالت خمس سنوات وانتهت سنة 2017، ما مجموعه 2500 هدية.. ولكن الهدايا التي تقدم لرئيس الجمهورية الفرنسي لا تعد ملكا شخصيا له وإنما تعد ملكا للشعب الفرنسي ولذلك تودع في مخزن آلما Réserve ALMA الشهير الواقع على حافة نهر السين بباريس. وعلاوة على الهدايا المقدمة للرئيس توجد في هذه الخزنة هدايا مقدمة للسيدة الأولى. ويشرف على هدايا الجمهورية حافظ يقوم بتصنيفها وتصويرها وضبط مصادرها. ويفتح المخزن أمام الزوار سنويا في يوم التراث. وقبيل نهاية مأمورية الرئيس، يقرر ما يحال منها للمتاحف العامة ويسلم الباقي لإدارة أملاك الدولة.
2. اللفتة الدستورية
تنص المادة 24 من الدستور على ما يلي: "رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وهو الذي يجسد الدولة ويضمن بوصفه حكما السير المضطرد والمنتظم للسلطات العمومية.
وهو الضامن للاستقلال الوطني ولحوزة الأراضي.".
وبمقتضى هذه المادة ليس لرئيس الجمهورية، الذي يجسد الدولة، أن يستلم هدايا نقدية من أحد مواطنيه، أحرى من شخص أجنبي، لأن من شأن ذلك أن يضعف شخصيته ويجعله رهينة لإرادة (المتفضل) الذي لا يستبعد أن تكون له مآرب خاصة قد تمس من سيادة البلد أو من مصالحه.
3. تنص المادة 15 من القانون رقم 2016-014 المتعلق بمكافحة الفساد على ما يلي:
أخذ فوائد بصفة غير قانونية:
يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من مائتي ألف (200.000) إلى مليون (1.000.000) أوقية كل موظف عمومي يقبل مباشرة أو بصفة غير مباشرة فوائد غير شرعية في هيئة أو في عملية يكون وقت ارتكاب الفعل مكلفا بها أو مشرفا على إدارتها أو مراقبتها أو تصفيتها أو مكلفا بأن يصدر أمرا بالدفع فيها بصفة جزئية أو كلية". وجدير بالملاحظة أن القانون يعرف الموظف العمومي بأنه كل شخص مدني أو عسكري يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا سواء كان معينا أو منتخبا (المادة 2 من قانون مكافحة الفساد).
4. وفي صحيح مسلم عن أبي حميد الساعدي، أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية - قال ابن السرح: ابن الأتبية - على الصدقة فجاء، فقال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: «ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي، ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا؟ لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة، إن كان بعيرا فله رغاء، أو بقرة فلها خوار، أو شاة تيعر»، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه، ثم قال: «اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت».
وجملة القول أنه إذا كان لرئيس الجمهورية أن يستلم هدايا عينية (ذات قيمة رمزية في الغالب) فليس له أن يستتر بها ولا أن يتملكها لأنها ملك للشعب وليس له أن يستلم مبالغ نقدية وإن فعل فمن واجبه أن يعلنها وأن يأمر بتحويلها لحساب خزينة الدولة.