في جهة التجمع رقم 2 (G2) كان الأمر مختلفا، حيث تتركز الجهود في بير أم اكَرين وضواحيها القريبة، واختار الرائد لولي (محمد محمود ولد لولي)، الذي سبق أن عين كأول قائد للتجمع، اختار بير أم اكرين مقرا لمركز قيادته.. لكنه جُرح بعد ذلك بوقت قصير، إثر مجازفته بالذهاب مع سائق في سيارة معزولة لسحب جثة أحد الجنود بقيت في الميدان، على إثر إحدى المواجهات.
تم نقل الرائد لولي للعلاج، وحل محله الرائد بوسيف (أحمد ولد بوسيف)، الذي شرع في عملية إعادة تنظيم داخلية للتجمع، وقرر تحويل مركز القيادة إلى الزويرات، لكنه أدرك – بسرعة- أن الوسائل المتوفرة غير كافية لمواجهة عدو يتحصن في جبال "الكَلابه" المجاورة.
وأثناء اتصالاته في نواكشوط نجح في تعبئة القيادة حول الخطر الداهم الذي يتهدد الزويرات، وحول احتمال قيام الجزائر بهجوم قوي بغرض احتلال بير أم اكرين في مرحلة أولى.. تمت الاستعانة – مجددا- بالمغرب، الذي قبل بتوفير دفاعات مضادة للطيران، ومدفعية، وجنود..
تجدر الإشارة إلى أنه قبل تلك العملية، التي جرت يوم 14 يناير 1976، فقدنا 6 رجال بينهم نقيب ( النقيب انيانغ) في اشتباك على بعد 15 كلم من بير أم اكرين، بينما كانت خسائر العدو 9 قتلى و14 أسيرا، إضافة إلى بعض المعدات.
بعض التأملات: لقد دخلنا هذه الحرب دون الإعداد لها، عكسا لحلفائنا المغاربة.. وقد أمدنا المغرب بالسلاح، وقدم لنا الدعم في مختلف العمليات التي خضناها. وأكثر من ذلك، تتواجد وحداته فوق أراضينا للتكفل بالدفاع عنا.. ومن هنا فإن من الوارد التساؤل:
ألا يخوض المغرب الحرب على جبهتين؟ هل من المنطقي اعتبار أن الصحراء ستقسم بشكل عادل كما لو كان تحريرها قد تم من طرف قوتين تستمدان مواردهما من "ثكنات" مختلفة؟ إلى أي حد سيستمر شركاؤنا في المجاملة؟
أتمنى من أعماقي أن لا يكون لتشاؤمي هذا ما يبرره..
19 يناير 1976: اليوم تلقيت أوامر بتزويد التجمع رقم1 في العركَوب وإنارته أثناء تقدمه..
أقلعت عند الساعة السادسة و25 دقيقة صباحا وهبطت في العركَوب.. وعند الساعة الحادية عشرة تماما، دخل التجمع الفرعي التابع لإمرة النقيب صو في اشتباك مع العدو فقد خلاله هذا الأخير على الفور اثنين (02) من رجاله (قتيل وأسير)، فضلا عن سيارة من نوع "لاند روفر".. وقعت هذه المواجهة في "أكَركَر" على بعد 15 كلم من العركَوب.
أما في البير وعين بنتيلي، فقد شن العدو هجوما عنيفا تركز -أساسا- على عين بنتيلي، مستخدما مدافع هاون ثقيلة (؟) ومدرعات من طراز M81.. وقد فقدنا خلال هذا الهجوم النقيب اسويدات ولد وداد، كما جرح منا ثلاثة (03) ضباط صف، وعندها تم استدعائي إلى نواكشوط حيث أبلغت بتكليفي بمهمة جديدة في عين بنتيلي.