الانقلابات.. أطل وجه إفريقيا المقزز

في الفترة الأخيرة فرضت الانقلابات نفسها ظاهرة للتحليل, لتلاحقها في منطقتنا ولأننا للأسف الشديد أصحاب وصفة شرعنة الانقلابات -شرعنة حكومة الأمر الواقع- بشقيها التعامل مع المعارضة الداخلية والعزلة الخارجية وصولا إلى اكتمال “المِي” انسلاخ قائد الانقلاب من بدلته العسكرية إلى ثوبه المدني. وبنجاحنا في شرعنة انقلاب على رئيس مدني منتخب في بداية عهدته الأولى، بدر شرعيته، كرسنا القناعة بين ضباط إفريقيا والعالم أن الحائل الوحيد بينهم والسلطة هو قدرتهم على اغتصابها، كل ما سيأتي بعد ذلك لا يبعث على القلق، فقد فصلت الوصفة الموريتانية آلية التعامل معه بنجاح.

 

إن الانقلابات قبل كل شيء ظاهرة تشوه أخلاقي, فهي تعكس حجم مسامية العازل القيمي الذي ينسجه مجتمع معين بين المستطاع والحق. فكلما ترسخت القناعة بأن ما ليس حق لا سبيل إليه وإن تعبدت سبيله، تراجعت الانقلابات لأن منبتها أخلاقي، يستند إلى مستوى تقبلنا كمجتمع أن المستطاع حق. وإن مجتمعات لا مأمن فيها للمالين العام والخاص من “رازيا” المسيرين، لا فطام لها عن المحاولات الانقلابية،لأن الرئاسة زيادة على عبق السلطة أوسع المنافذ إلى المالين العام والخاص. إن الانقلابات هي الفساد الكلي الذي يستهدف الدماغ ليجد عبر أعصاب الإدارة منفذا إلى كامل جسم الدولة. من الناحية الأخلاقية، لا يوجد فرق في الطبيعة بين الانقلاب وبين أن يدخل مجرم مسلح على أسرة فيأمر ويتحكم، الفرق في الأبعاد، ففي الحالة الثانية الضحية أسرة مسكينة وفي الحالة الأولى الضحية أمة كاملة مغلوبة على أمرها. نحن ضحية للسرقة والجريمة والفساد الإداري والانقلابات لأننا فشلنا في البناء الأخلاقي الذي يفرق بين الحق والمستطاع. إن للسرقة والجريمة والفساد الإداري والانقلابات طبيعة واحدة، منبع مشترك، لا أخلاقية تستخدم المتاح من أدوات.

 

جاء انقلاب 2008 لمحاربة المفسدين، فجمع قائده -من حلال حتى يتبين العكس!- الأموال التي أصبح حجم جزء منها معلوما، وجاء انقلاب بركينافاسو الأول متذرعا بالحالة الأمنية فكانت أشهره الثمانية كفيلة بأن تفقد الدولة السيطرة على أربعين في المائة من مساحة البلاد.

 

وفق الله وأعان 

د. م. شماد ولد مليل نافع

----------------------

لمواصلة القراءة :

قوات النخبة في إفريقيا.. الانقلابات من تآمر مستفيضة إلى تسويل نفس

http://aqlame.com/node/7832

 

أحد, 02/10/2022 - 01:59