متعددة التقنيات "بوليتكنيك".. تغييب الروافد المعرفية

تنظم المدرسة العليا متعددة التقنيات سنويا احتفالية تخرج تحرص خلالها على إظهار الطابع العسكري في تظاهرة تكاد تخلو من الوجوه المدنية، إلا من أفراد محدودين تضيق العلاقة بهم أحيانا حد الأسرية،لتعطي الانطباع بأن الطلاب كونتهم المؤسسة العسكرية. لاشك أن بعض المهندسين والدكاترة العسكريين -مأجورين بمشيئة الله- شاركوا متعاونين في تكوين هذه الدفعات، إلا أن حمل تكوينها تحملته وجوه مدنية من أساتذة التعليم العالي أمضوا أحيانا أكثر من عقدين من الطواف بين المجامع المعرفية من جامعات ومخابر ومصانع، في غربة أحيانا مريرة، لجمع ما يقدمون حوصلته لطلاب متعددة التقنيات، لم أستطع أن أدرك الفائدة من تغييبهم عن هذه التظاهرات؟ فتغييبهم لا يثري دنيا ولا يثري آخرة. ما الضير أنيحضروا؟ ما الضير أن يلقي أحدهم باسمهم كلمتهم؟ 

فهل نريد أن نظهر أن هؤلاء المتخرجين كونهم الجيش بإخفاء دور الأساتذة؟ إني لأربأ بالمؤسسة العسكرية أو من يمثلها أن يُحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا.

 

من المؤسف أيضا أن تكون الصورة التي نشرتها أغلب وسائل الإعلام  -بما فيها الأخبار وموريتانيا الآن- للاحتفالية يتوسطها عن وزارة الدفاع الوزير وقائد الأركان العامة وعن متعددة التقنيات المدير العام –القائد- وخَتَنُه مدير معهد مهن الطاقة، الذي عين مديرا للمعهد قبل أن يكمل سنته التربصية، وهو أستاذ جيد وشاب ظريف، ولكنه مسبوق من جملة من الأساتذة في اختصاصه، مسبوق اكتتابا ومسبوق تجربة،وليس من الظلم أن نحترم السبق، فمن المسؤول عن نشر هذه الصورة التي تعطي الانطباع بأن المؤسسة شركة عائلية؟ وهل كان ذلك مجرد نتيجة لاختلال الذوق؟

 

إن النتائج المتميزة لطلاب الأقسام التحضيرية والمدرسة العليا متعددة التقنيات هي ثمرة تميز الطلاب وإلى حد ما ثمرة تميز الغالبية العظمى من الأساتذة، وأي دعوى غير ذلك لا تقوم عليها بينة، وإذا استطاعت الإدارة أن تزود المؤسسة بالإطار القانوني الضروري للمؤسسات العلمية والذي ننتظره منذ أريد من أربع سنوات فهي مشكورة -بمشيئة الله مثابة- ولن أدخل في تفاصيل ذلك، فليس ذلك ما دفع لكتابة هذه الحروف.

 

يجب أن نعامل الأساتذة بقدر من القسط، وكثير من العرفان بالجميل، لأن ذلك ما يستحقون... ولأنهم -أو على الأقل بعضهم- لن يقبلوا غير ذلك. ويجب أن نتجنب الدوائر الضيقة، فالمؤسسات للأمة، للجميع، ويجب أن يفاضل الناس فيها بتفاضلهم، وسيّرهم وسيلة ذلك، لن نصنع التميز بتنفير المتميزين، فأحضان البشرية شرقا وغربا للعقول مفتوحة.

 

وفق الله وأعان

 

د. م. شماد ولد مليل نافع

المدرسة العليا متعددة التقنيات

 

أحد, 09/07/2023 - 15:10