في الأعماق يموت التاريخ

لقد خلت الزوايا الصوفية العريقة من الذكر أو كادت، و صارت تلاوة الدارسين تخفت رويدا رويدا، وشيئا فشيئا يسير كل شيئ إلى صمت كصمت القبور. 

الأكابر هناك منسيون أو مهملون في قرى الأشباح، يعيشون مع الذكريات والأحلام العظيمة وفتات من الخبز.

دخلت كل نفس بريئة أو متمردة في كناسها، خشية الضجر، تماما كما تختفي النقود الذهبية في جوف الصناديق خوفا من أن تلمسها العملات الزائفة، نعم إنه قانون "غرامشي"، بيد أنه منطق النبالة يسري على كل شيئ.

أما في مدن الثعالب والغيلان فالجغرافيا تتحرك وكل شيئ يسير مسرعا، حتى الرمال الهوجاء التي تملأ الأفواه وتغمر كل شي، الناس والأشياء والصلات، تصحر مخيف من السعار المادي والجسدي والخواء النفسي، وعندما تصيخ جيدا وتغمض عينيك عن الدمى المتحركة، لا تسمع إلا عزيف الجن بلحن عبثي أو أزيز الرياح التي تذرو الجذوع.

 

سبت, 24/06/2023 - 19:10