نصيحة من غير مختص لحزب الإنصاف 

هذا العبد الضعيف ليس منتميا لأي كيان سياسي بل إن إكراهات عمله تجعله في حرج كبير إن هو تطفل على الحديث في الشأن السياسي،
ومع ذلك ساخترق تلك الإكراهات استثناء لأستأذن في تقديم نصيحة من غير  مختص لمن يهمه الأمر.
تابعت تصريحات لبعض كبار المسؤولين في الدولة تضمنت تهديدات صريحة، حسب فهمي القاصر، لمن لم يلتزم بالتصويت لحزب الإنصاف من الذين يحسبون - أو كانوا- عليه.
بإمكان الدولة أن تهدد وبإمكانها أن تهزم لأنها تمتلك أدوات القوة والتأثير لكن ميدان نزالها الأمثل هو الحفاظ على أمن البلاد من التهديد الخارجي وأمن السكان من التهديد الداخلي المتمثل في اللصوص والعصابات الإجرامية التي تقتل الأبرياء وتسلب ممتلكاتهم وتخطفهم في العاصمة وفي غيرها، فهنا مرحبا بقوة الدولة أما العمل السياسي فلا يناسبه إلا اللغة الراقية المهذبة وتأمين المنافسة العادلة للمشاركين في الانتخابات من المعارضة قبل الموالاة. 
والواقع أن لغة التهديد والإكراه تناقض الاختيار الحر وتناقض حرية التفكير والتعبير وتناقض أكثر من ذلك جو التهدئة الذي نجح السيد الرئيس في بنائه منذ انتخابه.
وحتى أكون أكثر صراحة، لمن يريد الصراحة، أقول إن "حزب الدولة"- حسب تصوري المحدود- ليس حزبا سياسيا ولا فكريا بالمفهوم المعروف في الممارسة السياسية الناضجة بل هو حزب قبائل ومصالح ومغانم، فالذين ينتمون إليه ينتمون بحثا عن المصالح والفرص ولذلك فمن الطبيعي أن يغاضبوا عندما يتم تجاهلهم في توزيع الترشيحات والمغانم خاصة مع عدم وضوح معايير التوزيع والاختيار.
وفي هذه الحالة فقد خسر المغاضبون أكثر من مرة :
- خسروا "حظهم" من المغانم
- وخسروا لأنهم صنفوا غير "منضبطين حزبيا" 
- وخسروا لأن الدولة غضبت عليهم وهددتهم بالحرمان من المغانم بل وبالمساءلة.
لكن الخاسر الأكبر، حسب تصوري، - لمن أراد الصراحة- هو الدولة والمسار السياسي عموما.
والنتيجة الإجمالية التشويش ولو بأضرار جانبية على المنهج التوافقي الذي أراد رئيس الجمهورية إرساءه.
ليست المشكلة في الخطأ فهو قد يحصل من أي أحد، إنما المشكلة في عدم السعي لاستدراكه وتصحيحه.
على الدولة، إن هي أرادت بناء حزب قوي يضمن لها أغلبية يحتاج لها تنفيذ برامج السيد الرئيس، ان تراجع مسار الحزب بشكل عميق وتستفيد من ظاهرة المغاضبة لتصحيح المنظومة بأكملها بما في ذلك تجديد الطبقة السياسية على أسس صلبة سليمة وعادلة بعيدا عن التوارث و"تبديل الجلود" والمنافع الشخصية بما يناسب العمل السياسي الناضج ومعاييره المعروفة.
وحسب تصوري البسيط فإن المسؤولين الذين صدرت منهم تصريحات قد توصف بأنها "نيران صديقة" لهم من الحكمة والرزانة وبعد النظر ما يجعلنا نحسن الظن بهم وبحرصهم على عدم التمادي في الخطأ، أقول الخطأ من وجهة نظر موضوعية بعيدا عن الولاء غير المتبصر وبعيدا عن منهج المعارضة الناطحة أو غير المنصفة.
قد تصلح لغة الحرمان في مناهج التزكية لان القوم يرونها سبيلا للترقية لكنها لا تصلح منهجا في "العمل السياسي" .
نجح السيد الرئيس في بناء حلف من مؤيديه جمع المعارضين والموالين وهي حالة لا تتكرر كثيرا في العمل السياسي ويسعى بعض المسؤولين في الدولة وفي حزب الإنصاف، ربما عن غير قصد، إلى تفكيك وتشتيت وتفتيت الأغلبية المؤيدة للرئيس فضلا عن استفزاز المعارضين.. 
والله تعالى أعلم.

الهادي بن محمد المختار النحوي 

اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء
رب اغفر لي ولوالدي ولوالديهم ولجميع المسلمين
والصلاة والسلام على الحبيب الشفيع سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 
-

خميس, 04/05/2023 - 15:45