حَمَلَ بيان مجلس الوزراء المٌنْعَقِد يوم الخميس الموافق 9 مارس 2023 م خبرا هاما سيكون له الأثر الإيجابي على تسريع عمليات الإصلاح الجارية على مستوى اللجنة الوطنية للمسابقات . يتعلق الأمر بمشروع المرسوم الذي يهدف إلى " تحسين المنظومة القانونية المعمول بها في مجال المسابقات الإدارية ، وإعادة تنظيم وسير اللجنة الوطنية للمسابقات ". وتكشف هذه التحسينات عن الأهمية المتزايدة التي توليها الوزارة الأولى ، ومن خلالها وزارة الوظيفة العمومية ، للجنة الوطنية للمسابقات باعتبارها إحدى أهم المؤسسات الوطنية المختصة في الإشراف المباشر على مسابقات الاكتتاب في مختلف أسلاك الموظفين . فبموجب هذه التحسينات الواردة في بيان مجلس الوزراء ستتسع مهام اللجنة الوطنية للمسابقات لتشمل :
- تنظيم مسابقات التعليم العالي
- المسؤولية عن أعضاء لجان التحكيم وعلاقتهم بالمترشحين
- الإجراءات المتعلقة بمصالح الدعم المرتبطة باللجنة
- تكريس شفافية المسابقات من خلال التحري المٌسْبَق عن ممارسات تضارب المصالح
وعلى الرغم من أن هذه التحسينات تٌوَسِعٌ دائرة مهام اللجنة الوطنية للمسابقات وتٌعَزِزٌ حسن أدائها وتمنحها مزيدا من المصداقية ، فإن هذه اللجنة ما زالت تعاني من مشاكل هيكلية واختلالاتتنظيمية مٌتَعَلِقَة ليس فقط بنقص الوثائق والأطر المرجعية التوجيهية ولكنها متعلقة أيضا بعدم جاهزية الخطة الإجمالية لتنظيم إدارتها ( الأورغانيغرام ) ، إلا أن هذه الاختلالات يمكن التغلب عليها تدريجيا من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
- دَمَقْرَطَةٌ اختيار أعضاء اللجنة الوطنية للمسابقات :
تمثل جودة المصادر البشرية ذات الكفايات والمهارات النوعية ركيزة أساسية وشرطا مسبقا لنجاح عمل أي سلطة إدارية تروم الشفافية وحسن الأداء ، ولكي ترقى اللجنة الوطنية للمسابقات إلى مستوى المعايير الديمقراطية التي تعمل وِفْقَهَا نظيراتها في العديد من الدول سيكون لزاما عليها اختيار أعضاء لجنتها المركزية ورئيسها عبر إجراء اكتتاب علني ، شفاف ومٌسْتَقِل لكل أعضاء اللجنة أو على الأقل تعيينهم في ضوء معايير مهنية مدعومة بشهادات وإفادات مٌعْتَرَفْ بهامَحَلِيًا ودوليا في مجال الاكتتاب والمسابقات . فليس من المنطقي أن يكون اختيار المصادر البشرية المسئولة عن إدارة هذه السلطة الإدارية المهمة متروك للصدفة والقرارات الفردية في حين يٌنْتَظَر من أعضاء هذه اللجنة ذاتها أن يكونوا نموذجا للاستقامة والمهنية وحسن الأداء أثناء إدارة عمليات الاكتتاب والمسابقات : ففاقد الشيء لا يعطيه . وعلى هذا الأساس فإن إعادة تنظيم وسير اللجنة الوطنية للمسابقات يقتضي قبل كل شيء دمقرطة اختيار أعضائها عبر تنويع وتجديد مصادرها البشرية في ضوء معايير مهنية صارمة ودقيقة وشفافة . لقد خرجت اللجنة الوطنية للمسابقات من دائرة النسيان ووضعتها مسؤولياتها على الواجهة ، وهذا ما يتطلب من السلطات الوصية عليها إعادة النظر في طريقة الولوج إلى هذه السلطة الإدارية فيما يتعلق بمصادرها البشرية ( أعضاء اللجنة ) وما يتصل بها من مهارات وكفايات مطلوبة . فمما لاشك فيه أن المصادر البشرية تلعب دورا مركزيا في انجاز مهام اللجنة ، ومن المهم أن يكون للجنة مصادر بشرية مٌكْتَتَبَة بصفة شفافة ومستقلة و لديها القدرات المعرفية والمهارات اللازمة لتحديث طرق وأساليب عملها الداخلية وضبط وتوجيه عمليات الاكتتاب التي تشرف على تنظيمها . فكلما كانت المصادر البشرية أكثر تنوعا واطلاعا على أساليب تدبير المسابقات كلما كانت مَوَارِدَ مٌنتِجِة وفعالة أكثر من كونها مجرد تَكْلٌفَة . فطبقا لأساسيات اقتصاد المعرفة ، الأفراد هم المبدعون والمالكون لتلك الموارد الإستراتيجية المتمثلة في المهارات والمعارف . لقد أصبح الرأسمال البشري يمتلك قيمة مضافة مقارنة بالرأسمال التقني والمالي . لأن الابتكار والإبداع والفاعلية التي تعتمد عليها المؤسسات هي من عمل الإنسان ونتاج لمهارات الأفراد الذين تقوم بتعبئتهم . ما يعني أن قدرتها التنافسية قد أصبحت تتوقف على جودة إدارتها لمصادرها البشرية كميا ونوعيا . هذه المصادرة تنطبق على كل الهيئات والمؤسسات واللجان . إن انكفاء اللجنة الوطنية للمسابقات على ذاتها وإدارتها طبقا لاعتبارات سياسية لا تأخذ بعين الاعتبار حاجة هذه اللجنة من المصادر البشرية المتخصصة والمٌكَوَنَة في مجال تنظيم المسابقات سيبقيها متأخرة بل عاجزة عن الارتقاء إلى مستوى تطلعات الكثير من الموريتانيين الذين يطمحون للولوج عبر هذه اللجنة إلى أحد أسلاك الوظيفة العمومية اليوم أو غدا .
- إصدار دليل للاكتتاب والمسابقات :
الهدف من هذا الدليل هو تحديد المبادئ العامة المٌوَجِهَة لأنشطة اللجنة وإستراتيجيتها العامة فيما يتعلق بتنظيم المسابقات ، فهذه الإستراتيجية هي التي ستساعد الدولة على جذب أفضل المواهب وألمعها في مختلف التخصصات للاحتفاظ بها والاستفادة من خبراتها في القطاعات المستهدفة بما يتماشى مع سياستها في مجال استقطاب أصحاب الكفايات والمهارات المتميزة . وسيكون دليلا عمليا يٌمْكِنٌ لأعضاء اللجنة الوطنية للمسابقات استخدامه لتنفيذ عمليات اكتتاب إبداعية وفعالة وشفافة . وهذا ما سَيٌمَكِنٌ من تطوير أنشطة اللجنة بصفة حديثة تستجيب لحاجة الفاعلين والشركاء في المسابقات ، من لجان تحكيم ومرشحين ومصححين ومراقبين وكذلك المؤسسات الحكومية المستفيدة من الاكتتابات ، من حيث الإجراءات والأدوات والتوجيهات الضرورية لإتمام المهام الموكلة إليهم وعند الاقتضاء الامتثال للتعليمات . كما سيتضمن هذا الدليل الخطوط العريضة لسياسة إصلاح اللجنة من الداخل والارتقاء بها إلى مستوى عال من المهنية والمسؤولية .
- إنشاء مٌدَوَّنَة للآداب المهنية :
تهدف هذه المٌدَوَّنَة إلى التأكيد على مبادئ السلوك و القواعد التي يجب أن يلتزم بهاأعضاء اللجنة وشركائهم المهنيين أثناء تأديتهم للمهام الموكلة إليهم في إطار القوانين والآداب المهنية المتعلقة بصلاحيات وأنشطة اللجنة الوطنية للمسابقات . القواعد والمبادئ المٌعْلَنٌ عنها في المٌدَّوَنَة ستساعد شركاء اللجنة على توجيه أعمالهم وتوظيف مجهوداتهم لإنجاز عمليات اكتتاب نزيهة ومنصفة. كما أن هذه المبادئ والقواعد تنطبق كذلك على كل أعضاء اللجنة أثناء ممارستهم لوظائفهم وستسمح بتأطير السلوكيات في استخدام المصادر البشرية والمالية والفنية الخاضعة لسلطة اللجنة الوطنية للمسابقات . لا يمكن لأي شخص يعمل تحت إمْرَةِ اللجنة أن يَدَعِي تقديم خدمات تصب في مصلحتها إذا قام بذلك في تعارض مع المبادئ والقواعد والقيم المٌعْلَنٌ عنها في هذه المٌدَّوَنَة . ولذلك فإن هذه المٌدَّوَنَة ستضع كل من يدخل تحت طائلة مسؤوليات ومهام اللجنة أمام المسائلة كلما دعت الضرورة إلى ذلك .
الدكتور / سيدي محمد يب احمد معلوم
خبير في إدارة عمليات الاكتتاب والمسابقات
