بشارات مصر حول التغير المناخي

لا تنعقد قمة الأطراف هذا العام لنقاش خفض الانبعاثات، بل للدعوة للتكيف مع الطوارئ الناجمة عن التغير المناخي.. وهذا يعني أن العالم يعترف ضمنيا بفشله في معركة المناخ وهو يتجه الان نحو محاولة بناء أليات التكيف والتأقلم في مواجهة آثار التغير المناخي مما يقتضي الإسراع في تعزيز قدرات الصمود والتحمل في مواجهة الكوارث الطبيعية، من سيول وفيضانات، وموجات جفاف وارتفاع حاد في درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه المحيطات.. هذه هي البشارة الأولى لقمة الاطراف السابعة والعشرين المنعقدة في شرم الشيخ بمصر.

وتنعقد هذه القمة كما هو معلوم هذا العام في ظرف عالمي بالغ التعقيد وفي ظل تحولات جيواستراتيجيةغير مسبوقة.. مع أن أزمة المناخ في ذاتها هي أزمة متعالية على استراتيجيات الدول و صراعاتهاومصالحها الضيقة لأنها أزمة تخص مصير الكوكب الأرضي كله والخروج منها إما أن يكون جماعيا أو لا يكون. ويبدو اليوم في خضم هذه التحولات أن الأمور تتعقد أكثر فأكثر وتسير من سيء إلى أسوء فالعالم يـ/فشل في تحدي المحافظة على درجة حرارة تحت معدل 1.5 د. مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية، كل الدلائل والمؤشرات تقول بأن العالم يتجه إلى عتبة 2درجة، بل إن الوتيرة التي يسير عليها العالم الان فيما يتعلق بالانبعاثات تفضيحسابيا إلى 2.8 درجة مع نهاية القرن حسب كل الخبراء.

فما الذي بإمكان قمة شرم الشيخ تقديمه لعكس هذا المسار أو لمواجهته؟؟

في الواقع لا يمكن لقمة شرخ الشيخ تقديم شيء لعكس هذا المسار الذي يزداد سرعة وتفاقما لأنه ببساطة لم يطرأ جديد على التساهل والإهمال في قمة اغلاسكو سوى الحرب وأزمات الطاقة، ولهذا فإن فالمدار الذي تلتئم من حوله أو على الاصح لأجله قمةالمناخ هذا العام يستحيل أن يكون غير التكيفوالتأقلم، وبمعنى أوضح أن القمة لا تنعقد هذا العام للحديث عن خفض الانبعاثات، وإن جرى نقاش في هذا السياق فهو لذر الرماد في عيون مناضلي المناح وأنصار البيئة فقط، بل للتأقلم مع الطوارئ الناجمة عن التغير المناخي..

لقد تكرر الحديث كثيرا جدا عن التكيف في الفترة التحضيرية للقمة من قبل الأطراف المسيرة لسياسات المناخ (التي هي بالطبع الأطراف الملوثة)، وهذا مؤشر على أن الدول الكبرى لا تريد الحديث في هذه المرحلة عن الانبعاثات ربما بسبب أزمات الطاقة وخطيئة العودة إلى الفحم.. وبالتالي فهي تريد من العالم أن يركز على سياسات الصمود والتكيف.

لقد شهدت دول أوربية عديدة هذه السنة وكذا الصين والولايات المتحدة ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة بالإضافة إلى نقص حاد في منسوبالتساقطات بينما شهدت مناطق أخرى من العالم فيضانات جارفة كما حدث في باكستان التي ربما تتقدم بملف للمطالبة بتعويضات من قبل الدول الملوثة عما لحق بها من خسائر.. ونفس الامر ينطبق على الصومال التي لم تشهد حدوث تساقطات مطرية للسنة الخامسة على التوالي بسبب التغير المناخي.

وتطالب الدول النامية كلها بتعويضات مالية بقيمة 100 مليار دولار كان قد تم الاتفاق عليها في قمم المناخ السابقة.. ولا بد أن تتعزز المطالبة بهذه الاموالهذا العام بالنظر إلى الحاجة إلى دعم قدرات الصمود والتكيف لدى الدول النامية لمواجهة أثار التغير المناخي.

....

قمة شرم الشيخ إذن هي قمة مفصلية بالمعنى السلبي لان العالم يعترف فيها ضمنيا بفشله في كبح جماح التغير المناخي الذي لا يتأتى إلا بخفض الانبعاثات الكربونية بأكثر من النصف قبل حلول عام 2030 ..

وهي قمة مفصلية أيضا لأنها تكشف عن حالة الموت السريري غير المعلن لاتفاق باريس وخروجه من دائرة التأثير، وهوما يعني أن التعاون الدولي في مجال العمل البيئي الذي استمر زهاء خمسين سنة أي منذ قمة استوكهولم سنة 1972 يتجه للدخول في مرحلة معتمة لم تتكشف بعد معالمها.. أما التكيف فهو سلوك فطري وتشبث غريزي بالبقاء وبالحياة لا يحتاج إلى توقيعات وأختام

أحد, 06/11/2022 - 22:20