فى هجاء حزب الاتحاد

لماذا ؟! و مليون لماذا ؟! لماذا يا "نواب الشعب" المحسوبين على UPR تريدون إحياء الموتى و نبش القبور؟! ما هذه الدرجة المنقطعة النظير من الانضباط الحزبي ؟! ألم تكن غالبيتكم نوابا و أعضاء في "حزب عادل" يوم قمتم بالثورة الشهيرة على الحزب و الرئيس المنتخب أم أن لديكم عقدة من الرؤساء المنتخبين ؟! لقد "من الله علينا" بالخلاص من مؤامراتكم و مساعيكم للخلود فوق الكراسي،

في زمن التغيرات الشاملة في المناخ و الانقلابات الجذرية في توازنات القوة الدولية و في زمان الإسقاط المنتظم للنظم من قبل الشعوب. لقد فشلت مؤامرتكم على الدستور و محاولتكم إغراء ولد عبد العزيز بالتشبث بكرسي البشير و مبارك و بوتفليقة، و الله يعلم أنكم لا تحبون عزيز و لا نظامه، و أن هدفكم إنما كان تأمين خلودكم الشخصي في المناصب الوزارية و مواقع التسيير، في دولة لم تتركوا قطرة لبن في ضرعها. كونوا رياضيين و تقبلوا الهزيمة، و استفيدوا من حقكم في التقاعد السياسي، و امنحوا أنفسكم بعضا من الراحة و التفرغ للاستجمام و التمتع بثرواتكم الطائلة، دون نسيان أن الإكثار من الصدقة و فعل الخير و الاستغفار مما فات من الذي تعرفون...

و أتحدى كوادر هذا الحزب أن يجدوا لي خطابا سياسيا متماسكا لهذا الحزب خارج إطار تمجيد ولد عبد العزيز و التمكين لسلطته. و ليست الميكانيكية التي تعامل بها نواب الحزب في البرلمان مع مشروع التعديل الدستوري للتمديد لولد عبد العزيز سوى الدليل الملموس أنه بدون ولد عبد العزيز لا معنى لUPR. وسأضيف للتاريخ بأن مشروع المأمورية الثالثة كان يحمل رسالة أخرى مفادها: "لا لولد الغزؤاني". لأن ولد الغزواني كان الخيار الوحيد داخل النظام الذي يمكن تقبله من طرف الشعب بديلا لولد عبد العزيز، و بما أن كل واحد من "العصابة" - إذا استعرنا لغة الحراك الجزائري - كان "نعامة" في مواجهة عزيز، لا يستطيعون التصريح برفضهم ل"ولد الغزواني"، عبروا عن ذلك بمطلب التمديد. و لا أدل على ذلك من أن القلة منهم التي رفضت التوقيع على مشروع التمديد، لم تبرر ذلك بكونها تتمسك بالدستور و إنما بكونهم يعرفون أن تلك ليست إرادة ولد عبد العزيز. "أسد على الرؤساء المنتخبين و نعامة في مواجهة الرؤساء الانقلابيين".

تلك حقيقتك أيها النائب البرلماني الذي ارتكب الخيانة العظمى في حق الدستور بشروعه في جريمة الاعتداء على المواد المحصنة و إغراء الرئيس بخيانة القسم، و عندما يبادر رئيس الجمهورية إلى ممارسة صلاحياته بتشكيل حكومة كفاءات وطنية دون محاصصة، ترفع عقيرتك و تطالبه بالتشاور معك. "من أنت، لا أنت في العير و لا في النفير".

ألا تستحون من رجل عارضتم ترشحه، و رغم ذلك زاركم مجاملة في مؤتمركم الفاشل الذي يعتبر مؤتمر دفن الحزب. رجل يشهد الجميع أن حملته الانتخابية كانت من أقل الحملات إنفاقا ماليا، و لم تستقبل منكم أموالا، و لم تشاركوا فيها إلا مرغمين و متثاقلين.

ألا يخجلكم تعفف النواب المناصرين لولد الغزواني من معارضة ولد عبد العزيز و عدم مطالبتهم بحقائب في الحكومة. ألم تقرأوا ما كتبه جميل ولد منصور النائب المعارض في كل الأزمنة من مطالبة بمنح الحكومة الفرصة لتنفيذ برنامجها. هل ثمة معنى آخر لهذا النوع من الاحتجاج و المعارضة سوى الابتزاز السياسي ؟!

و قد نشرت شائعات بأن نواب UPR طلبوا من وزير الداخلية في لقائهم الأخير معه منحهم قطعا أرضية، فإذا كان ذلك صحيحا فبئسه من سقوط. و لا شك أن الفرصة اليوم مواتية ليبادر النبلاء و المتعففون و الخيرون من نواب UPR و كوادره إلى إعلان البراءة من حزب قيادته معينة من قبل رئيس للسلطة التنفيذية هو مجرد عضو في الحزب.

قيادة يتحدث نوابها عن حق لهم في التدخل في قرارات سلطة تنفيذية منبثقة عن إرادة الموريتانيين بجميع مكوناتهم. هنا لابد من التذكير بأن الانتخابات التي انبثق عنها البرلمان الحالي - بخلاف الانتخابات الرئاسية الماضية - لم تكن حرة و لا نزيهة. لقد تمت الترشيحات بتدخل مباشر من الرئيس السابق، الذي ذهب إلى حد الاجتماع المباشر بعدد من المترشحين من الأحزاب الأخرى من الأغلبية و المعارضة و تهديدهم بكل مكروه إذا لم يسحبوا ترشحاتهم، التي كانت تهدد ترشيحات UPR.

و لشدة ضعف قاعدة مرشحي UPR في النيابيات قام الرئيس بجولة في الولايات، و هدد كوادر الحكومة الداعمين لأحزاب الأغلبية من خارج UPR، و طالبهم بالتراجع. و يعرف القاصي و الداني أن احتساب الأصوات في تلك الانتخابات تم في أغلب الدوائر في غياب ممثلي المنافسين. "سارق و زعيم". بيوتكم من زجاج، و شرعيتكم "أوهى من بيت العنكبوت"، و ماضيكم مليء بالصفحات المخجلة التي تستحق الستر، فلا تعرضوا أنفسكم للمواجهة، في زمن السماوات المفتوحة. في موريتانيا - تماما كما في السودان - الملايين من الشباب الذين يتقنون فن التدوين عبر الأنترنت، و قد طحنتهم و حطمت آمالهم حكوماتكم المتعاقبة، و صبرهم عليكم قليل، و الكثير منهم يعتقدون أن مجرد ظهور أسمائكم في تشكيلة حكومية أو برلمانية دليل على الفشل. رحمة بأنفسكم، تراجعوا عن هذا المسار.

إتركوا UPR يعود إلى العدم الذي كان فيه قبل ولد عبد العزيز. لا مكان لهذا الحزب في موريتانيا لم يعد عزيز رئيسها. اللهم إلا إذا كنتم مستعدين لمواجهتنا و مواجهة حكومتنا، في زمن، أضمن لكم فيه - و أنا مستعد للرهان - بأن تجربتكم مع سيدي ولد الشيخ عبد الله لن تتكرر، و أن نهايتكم عند محاولة كهذه ستكون أسوأ خاتمة. "نسأل الله حسن الخاتمة".

نواكشوط بتاريخ 21 أغسطس 2019

يتواصل

أربعاء, 21/08/2019 - 16:39