بعض الحروب لها تداعيات عالمية

 الحروب واقعها دموي و مأساوي، فهي تشتت الشمل و تحرق الحرث.

‏الحرب بذرة حروب أخرى، فهي تولد عدم اليقين و تدفع الخلق نحو الارتباك و عدم الاستقرار. ‏

بعض الحروب لها تداعيات عالمية، تهز بلاد السلم القوية و تنشر المجاعة في بلاد السلم الضعيفة و ⁧‫الحرب‬⁩ ⁧‫الروسية‬⁩-⁧‫الأوكرانية‬⁩ هي واحدة من تلك.

 

تستورد دول ⁧‫الإتحاد الأوروبي‬⁩ من ⁧‫روسيا‬⁩ ما يناهز 4.2 مليون برميل من ⁧‫النفط‬⁩ في اليوم و 150 مليار متر مكعب من ⁧‫الغاز‬⁩ سنويًا وهو ما جعل الحرب ورطة بالنسبة للدول الأوروبية القوية الغنية. فأعين روادها تذرف الدمع و تراقب تدفق الدعم المعنوي و المادي نحو النضال الاوكراني، بينما عقولهم منشغلة تتساءل كيف يمكننا الاستغناء عن الطاقة الروسية على المدى البعيد لأن القصير غير واقعي. فالكمية هائلة ، بدونها سيتعثر لإنتاج في ⁧‫ألمانيا‬⁩ و ستدخل أوروبا في الظلام و التذمر و البلبلة السياسية.

تُعرف ⁧‫أوكرانيا‬⁩ بسلة خبز الاتحاد السوفيتي السابق، ‏تمثل 1/4 التربة السوداء الخصبة في العالم.

مثلت ⁧‫صادراتها في عام 2021:

 

‏20٪ من الصادرات العالمية من ⁧‫الشعير‬⁩ 

‏7٪ من الصادرات العالمية من  ⁧‫القمح‬⁩ 

‏18٪ من الصادرات العالمية من ⁧‫الذرة‬⁩

 

وتعد ⁧‫روسيا‬⁩ ⁧‫وبيلاروسيا‬⁩ مصدرين رئيسيين لأسمدة ⁧‫البوتاس‬⁩ و ⁧‫النيتروجين‬⁩ ‏و يرجع ذلك إلى توفر الغاز الطبيعي بوفرة و تكاليف منخفضة.

 

قد يؤدي تعثر صادرات الحبوب من ⁧‫أوكرانيا‬⁩ و ⁧‫روسيا‬⁩ من حدة نقص الغذاء في البلدان التي تشتري عادة من روسيا وأوكرانيا.

بلدانًا مثل ⁧‫مصر‬⁩ و ⁧‫تونس‬⁩ و أخرى في ⁧‫أفريقيا‬⁩ ‏و آسيا.

 وهو ما قد يولد التذمر و الإحباط و ردة الفعل العنيفة في شكل ⁧‫انتفاضات‬⁩ أو ⁧‫انقلابات‬⁩، كما حدث إبان الأزمة الغذائية في الفترة 2008/2011

 

فعلًا، قد تحاول بعض البلدان زيادة الإنتاج و لكنها ستجد صعوبات لأن ⁧‫روسيا‬⁩ حظرت تصدير ⁧‫النيتروجين‬⁩ و فرضت قيودًا على تصدير القمح و الشعير و الذرة و السكر من أجل ضمان أمنها الغذائي. ‏كذلك ⁧‫الصين‬⁩ (على غرار دول أخرى) حظرت تصدير ⁧‫الأسمدة‬⁩ ⁧‫الفوسفاتية‬⁩ حتى يونيو 2022.

 

أزمة غذاء عالمية في التشكل حسب ⁧‫منظمة الأغذية والزراعة‬⁩. ‏

أزمة مدفوعة بآثار الوباء و أسعار الطاقة و الحرب. تقدر المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن ما يناهز ٪30 من عباد الشمس والحبوب لن يتم غرسها أو حصادها هذه السنة ‏و أن أسعار ⁧‫الغذاء‬⁩ قد ترتفع بنسبة تتجاوز ٪37 .

 

 توقعات بالتأزم لأن الحرب والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا ستساهم في تفاقم اضطرابات سلاسل التوريد العالمية و شح المعروض من المنتجات المستخدمة كمدخلات في التصنيع.

 

حرب أطرافها تزود  العالم بمدخلات  التصنيع و الحياة الحديثة. فروسيا تنتج ⁧‫الألومنيوم‬⁩ الذي يستخدم في علب المشروبات والسيارات والطائرات والمعدات الكهربائية، ‏كما تعد ثالث أكبر منتج للنيكل ⁦‪ بعد ⁧‫إندونيسيا‬⁩ و⁧‫الفلبين‬⁩. ⁧‫النيكل‬⁩ الذي يعتبر من أهم مدخلات صناعة ⁧‫البطاريات‬⁩ و ⁧‫الحديد المعزز. 

‬⁩كما تعد روسيا منتجًا مهما للبلاديوم حيث أنتجت 40٪ من الإمداد العالمي في عام 2020. ⁧‫البلادين‬⁩ الذي يستخدم في صناعة المحولات والأقطاب الكهربائية والإلكترونيات.  

 

أما ⁧‫أوكرانيا‬⁩ فهي سادس أكبر منتج للتيتانيوم الذي يعتبر من مدخلات صناعة الطائرات و قرة عين شركات عملاقة مثل ⁧‫إيرباص، بوينج‬⁩ ⁦‪ و رولزرويس، ‏كما يستخدم في صناعة الدراجات الهوائية والسيارات ومضارب التنس، و هي ثالث أكبر مصدر في العالم لخامات الحديد عالية الجودة. تنتج ربع نيون العالم, و تجدر الإشارة أن النيون يستخدم في تكنولوجيا ⁧‫الليزر‬⁩ التي تحفر الميزات على الرقائق الإلكترونية .

 

اقتصادات صغيرة نسبيًا ولكنها تتمركز في بداية سلسلة القيمة، و الموارد الطبيعية إما أن توجد في حيز ترابي أو لا توجد.

 

‏نعم، بعض الحروب لها تداعيات عالمية تهز بلاد السلم القوية و تنشر المجاعة في بلاد السلم الضعيفة.

سبت, 23/04/2022 - 02:03