باركيول المنسي والمهمل!

لا علم لي بأي مشروع ذي أهمية كبيرة يقام الآن في مقاطعة باركيول الكثيفة والشاسعة. الحكومة على ما يبدو أسقطت هذه الخاصرة الكبيرة من كل تخطيط أو مشاريع كبيرة على الأقل في المدى القريب والمتوسط؛ أو ربما هي ليست على علم أن المقاطعة جزء من الوطن. فلا حديث عنها أو عن معاناتها أو تهميشها، ناهيك عن خطة شاملة لانتشالها من براثن الفقر والبؤس والنسيان الذي تتخبط فيه منذ أمد بعيد!

يبلغ تعداد ساكنة مقاطعة باركيول ما يزيد على مائة ألف نسمة موزعة على ثمان بلديات (ولا تشترك معها في هذا التصنيف الآن إلاّ مقاطعة مقامة وحدها)هي باركيول وكلّير ولبحير ولعويسي ودقفك والغبرة وبولحراث وأرظيظيع وعلى مساحة لا تقل عن ١٠ آلاف كلمتر مربع. وعلى الرغم من أن المقاطعة مع مقاطعتي مونكل ومبود مصنفة منذ أمد بعيد في ما يعرف ب"مثلث الفقر"، فلم تلق على إثره الاهتمام اللازم والعناية المطلوبة لإخراجها من العزلة والإهمال والتهميش.

لما تولّى الرئيس السابق ولد عبد العزيز الحكم، أحس بمعاناة المقاطعة وأدركته بعض العاطفة والشفقة نحوها؛ فزارها في مناسبات متعددة. وأطلق بعض المشاريع التنموية كآفطوط الشرقي، وفك العزلة عن بعض أجزاءه (طريق الغايرة-باركيول، وشكار-السواطة)، وسمّى المنطقة بشكل عام (مثلث الأمل). كان هذا في مأموريته الأولى. أما المأمورية الثانية، فزاره في إبريل ٢٠١٥،  لكن من دون إطلاق مشاريع جديدة. وكان الرئيس السابق قد تعهد بتكملة طريق السواطة -باركيول وباركيول-مبود، لكن المأمورية الثانية انقضت من غير أن يريا النور أو تظهر بوادر جدية لإطلاق العمل في هذين المشروعين المهمين لفك العزلة عن منطقة آفطوط الفقيرة والمترامية الأطراف.

سررنا كثيرا بأن برنامج السيد الرئيس الشيخ الغزواني نصّ على تضمين المشروعين (طريق السواطة-باركيول وباركيول-مبود) في (تعهداتي). والسيد الرئيس يوم زيارته لباركيول بعيد الظهر يوم الرابع إبريل ٢٠١٩ قال إنه يدرك معاناة المنطقة، وإنها وإن كانت فقيرة ماديا، إلا أنها ليست فقيرة معنويا لما فيها  من العلماء والصلحاء والفضلاء حرفيا كما قال، وتعهد في نفس الخطاب بأن تجد نصيبها من الثروة والاهتمام والمشاريع.

باركيول اليوم وقد مضى نصف الولاية الأولى للسيد الرئيس الشيخ الغزواني، ونظرا لأن ليس ثمة خطط فورية ولا تلميحات جدية، ما تزال متمسكة بالأمل وتأمل من السيد الرئيس أن يلزم الحكومة بالقيام وعلى الفور بتنفيذ تعهداته للمقاطعة ولمنطقة مثلث الفقر بشكل عام. لا يخفى على أحد التحديات التي يسببها الفقر والتهميش والبطالة وخصوصا في الجيوب الهشة والمنعزلة، وباركيول بموقعها في وسط المنطقة تتطلب عناية خاصة ومشاريع ليس فقط في فك العزلة بل أيضا في الكهربة والمياه والسدود والمنشآت الصحية والتعليمية.

ولو كانت باركيول تتعرض للتهميش في المشاريع التنموية والبنية التحتية فقط لهان عليها الأمر وخصوصا حالة الطوارئ الوطنية والمضاعفات التي أفرزتها الجائحة. لكن المقاطعة أيضا تتعرض للتهميش في مصادرها البشرية من كوادر وأطر على قلّتهم، فرغم  كفاءاتهم المثبتة وجديتهم البيّنة، وإخلاصهم ووفائهم، إلا أن الحكومة على ما يبدو في غير متحمسة ولا مهتمة بإشراك طاقات باركيول المتقدة في تنفيذ برنامج السيد الرئيس الشيخ الغزواني.

هذا نداء للضمير الوطني ونداء للسيد الرئيس الشيخ الغزواني الذي ربما أنساه التدافع وتدبير الشأن العام هموم ومشاغل ومشاكل باركيول، لكن أهل باركيول لم ينسوا السيد الرئيس وما تعهد به يوم الزيارة، وهم منهكين وضجرين ومغبرين، فكن يا سيادة الرئيس قريبا منهم وعند حسن ظنهم، وخفّف ما استطعت من حالهم وبؤسهم!
————————————————
سيد أحمد أعمر محّم
كاتب

أربعاء, 15/12/2021 - 11:22