سوق الادوية: نكوص وشعوذة!

بينما كان المواطنون يتوقعون أن تتطور مركزية الأدوية (كاميك) وتتأهل للسيطرة على استيراد وتوزيع جميع الأدوية والمواد الطبية, يفاجئنا خبر  بقرب الإجهاز عليها وسلبها التكفل بالأدوية الأساسية (المضادات الحيوية) التي تتولى توفيرها حاليا.
ويبدو أن تجار الأدوية, الذين أصبحوا مركز قوة قاهرة, مصرون على استعادة تجارة الادوية المطلقة; سواء كانت مضادات حيوية او قفازات طبية! 
وطبعا فإن أكثرهم لا يتوفر على مؤهلات التخصص ولا وسائله المادية والمعنوية في تلك المنتجات الحساسة, وإنما يملك أغلبهم الحس التجاري والرغبة في الربح بأي ثمن.

لقد أدت الفوضى في الأدوية والطبابة عموما الى كوارث خطيرة أهلكت أنفسا وأوهت أجساما بسبب انتشار الادوية المزورة والفاسدة.
وبينما يتعامل بعض التجار الذين اختاروا هذا القطاع الحساس ليتاجروا فيه كما يتجارون في المواد البلاستيكية, استقالت الجهات المسؤولة في الدولة من مسؤولياتها وأفسحت المجال لكل من هب ودب... وربما تمالأ بعضها... على مدى العقود الماضية.
والطريف أن الدولة منعت تجارة البلا ستيك وقيضت وزارة لحظر انتاجها وتوزيعها, بينما تركت الأدوية والطبابة لحرية التجارة وفوضى الممارسة!!
في الدول المجاورة التي يلجأ إليها مواطنونا - وغالبا بسبب مضاعفات دوائية او علاجية محلية - ليبرالية تجارية, ولكن الادوية فيها تخضع لنظام استيراد وتوزيع وتسعير مركزي صارم تسيطر عليه السلطات الصحية ويخضع له القطاع الخاص.

يأتي هذا بعد أن أظهرت "تفتيشات ابتدائية" أن نسبة المصحات الخصوصية التي  تلبي المتطلبات القانونية والمهنية والتقنية لا تبلغ 5% في عموم بلادنا...
أما الصيدليات فنعرف حقيقتها البادية; وهي أن أكثرها "دكاكين سقط", تفتح في أي مكان ويعمل بها أي "وگاف"!!
وإكمالا لحلقة جهنم هذه تنمو وتزدهر, بنفس الحرية, "طبابة" الشعوذة والدجل وأدويتها الوهمية; مستفيدة من فشل وغلاء الطبابة العلمية, وغياب السلطة المسؤولة.

الأدوية والطبابة مجال حساس تبذل فيه النفائس نقدا دون تأخير ولا حساب ولا خيارات... لذلك فأسعاره وأرباحه لا تخضع لحدود... وخاصة في صحاري الضمائر وغابات الجشع!!

م. محفوظ ولد احمد 

أحد, 18/04/2021 - 16:54