في يوم الأم

   أمي الغالية ؛ حدث أن صادف يومك هذا العام ، وجودي في مزار بعيد بصحاري آدرار ، لم "تتخيل"بعد مؤسسات المحمول إمكانية استفادته من خدمات الهاتف الخلوي..

كان علي أن أسبق غيري شاكرا ومثمنا لفتة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي حباها الله في كانون الأول من عام1973 باتخاذ القرار رقم3190 ،القاضي بالسماح لك بولوج البيت الأممي، على إثر اقتراح قدمته المملكة العربية السعودية لدورة المجلس التنفيذي لليونسكو..

وكان علي أن أحتفي بالثامن عشر دجمبر بأسلوب مغاير على صفحات الفضاء الأزرق ممتشقا أسلحة العصر ،كاسرا الحواجز ، طارقا كل الأبواب ،رافضا كل مألوف، وراسما بريشة دافنشي لوحة تليق بالحدث الكبير .

شاءت الأقدار أن مر اليوم وأنا بصحراء جرداء وُفقت من خلال دمدمة ريحها -بين الفجاج وفوق الجبال وتحت الشجر - في استحضار لامية العرب وأسفار الشنفرى ومغامرات عروة بن الورد وأحزان المهلهل..

خًيل إلي -أمي العزيزة- سماع صوتك في لحظة غضب - وماعهدتك غضوبا- ترددين :

أقيموا بني أمي صدور مطيكم…

إلى أين ؟!

صحيح، هجرناك وخذلناك..

إنا كنا منك نغار وكان جمالك يؤذينا ..

ولكن ، نحن في نهاية المطاف  صغار أعيانا السعي إلى الرشد والبلوغ .. والأم مسكونة بحب أبناءها مهما لها أساؤوا..

دعينا نفكر مليا في سبل تجاوز أخطائنا تجاهك ..

دعينا - إن أفقنا- نتذوق الحلاوة ونتبتل في محراب الجمال.

لغتنا العربية الجميلة؛

أخرج من عباءة الرمز  ، وقد ذكرني أصدقاء افتراضيون أعزاء بنقاش مستفيض حضرته بمقر اليونسكو في باريس سنة2015 ،خصص لتبادل الآراء بشأن دور وسائل الإعلام في تمكين اللغة العربية .

كنت أول المتحدثين بالجلسة الافتتاحية الصباحية وضيفا بالمساء على برنامج : نادي الصحافة بقناة France 24..

ظننت حينها أن خلاصاتي لم تخل من تشدد وتشاؤم ، إذ كنت صادرا - وأنا بقلب باريس -عن إحساس بالغبن والتآمر ورغبة الآخر في استلابنا ومحو آثار قوتنا .

واليوم ، وبعد مرور خمس سنوات ، أعدت متابعة البرنامج باحثا -على طريقة آدونيس -عن الثابت والمتحول فيما ذهبت إليه ..

وجدتني وبعفويةتامة أبصم بالعشر على تلك الخلاصات ، مستغربا لماذا النقاش والأخذ والرد بشأن دور ومكانة اللغة العربية .

أولا يمكن اختصار النقاش بالقول : إن العربية لغة القرآن المنزل على المصطفى، وكفى .

جمعة, 25/12/2020 - 19:22