التجربة الموريتانية في تعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين في أوروبا

السيد / الرئيس..

السادة أعضاء الوفود المشاركة السادة المدعوون،

 

السلام عليكم ورحمة الله، وبعد..

 

فإن نقاش موضوع: تعليم اللغة والثقافة العربيتين لأبناء الجاليات العربية بأوروبا وخاصة من دول المغرب العربي والذي هو موضوع ندوتنا يعتبر بحق من مواضيع الساعة الهامة، وبالمناسبة وجب التذكير بان معظم بلاد أوروبا تعيش بها جاليات موريتانية وتكثر حسب المصالح ومستوى التمثيل وظروف العيش. الا أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الموريتانيين في أوروبا تقطن أساسا في فرنسا، وهو أمر طبيعي يعود إلى ما تعرفونه من روابط أنتم بطبيعتها أدرى، حيث تقدر الجالية الموريتانية المقيمة هناك خمسة عشر ألف نسمة، يشكلون في معظمهم اليد العاملة النشيطة والمتوسطة للسوق الأوروبية وتمثل نسبة الأطفال في هذا العدد ثلاثة آلاف وسبع مائة وخمسين طفلا، وهو ما يمثل نسبة هامة من العدد الإجمالي للجالية. 

 

ومع هذا تعتبر جاليتنا من أقل الجاليات المغاربية المقيمة في أوروبا من حيث العدد، ونظرا لما سبق ذكره، فإن إعادة النظر في المصير الثقافي والحضاري لأبناء جالياتنا تعتبر أولوية يحتمها الكم العددي الهائل الذي يعيشون داخله، وكذا اختلاف اللغة والمعتقد والروح الثقافية والحضارية، ونحن اذ ننوه بالجهود الجبارة التي تلعبها المراكز الثقافية العربية في أوروبا وبالأخص في فرنسا، إلا أنها تبقى مع ذلك جهود غير كافية، وهنا لا يجب أن لا ننسى الدور الرائد الذي تؤديه أقسام ومراكز تعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الاسلامي التي تشرف عليها جمهورية تونس والجمهورية العراقية والجماهيرية العربية الليبية لصالح الناشئة العربية المقيمة في أوروبا.

 

ومن هنا كان على المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والحالة هذه أن تأخذ بعين الاعتبار مسألة مستقبل أبنائنا وذويهم، وهو ما تعتبر هذه الندوة تداركا له، وخاصة النساء المعرضات أكثر للإنحراف وراء كل أنواع الغزو الفكري والحضاري والذي تعتبر أوروبا معقلا له. 

 

ويعتبر حل هذه المشكلة الخاصة والمعقدة أمرا يتطلب تضافر جهود الجميع، لانشاء مراكز ومدارس الفئتين الكبار والصغار لتعليمهم اللغة العربية ومبادئ العلوم الشرعية. وفي هذا الإطار يعتبر اكتتاب مدرسين وأساتذة مغاربيين بالتنسيق مع الحكومات والبعثات الدبلوماسية المعنية وتزويدهم بالمقررات والبرامج المستخدمة في بلدان المغرب العربي شيئا ضروريا حسب رأينا.

 

إن أبناءنا في فرنسا يتلقون حصصا اضافية للغة العربية خارج الأوقات النظامية التي يتلقون خلالها التعليم النظامي الفرنسي، ولم والحالة هذه لا توفر المنظمة بالتعاون مع الدول المعنية فصولا ومدرسين ينهجون نظاما دراسيا مثل الذي نعيشه في بلداننا؟ وتكون الحصص الإضافية مخصصة لتلقي دروس اللغة الفرنسية عكسا لما هو جار.

 

أن التعليم المحظري (الكتاتيب) يمثل في بلادنا رافدا أساسيا للمحافظة على الأصالة العربية الاسلامية وصدا لمنابع الأمية، لذا أصبح اللوح والقلم أهم رفيقين للشنقيطي في حله وترحاله، ولا أدل على ذلك من لجوء جالياتنا في أوروبا إلى التعاقد مع من يدرس أبناءهم مبادئ الدين واللغة العربية، وتشجيعا لهذه المبادرة فإننا نرجو من المنظمة أن تتحمل مرتبات مثل هؤلاء المقرئين، وإنشاء مراكز على كل مستوى من مغتربينا لهذا الغرض.

والسلام عليكم.

 

المصدر: الأستاذ صو أبو دمبا، التجربة الموريتانية في تعليم اللغة العربية ونشر الثقافة العربية الاسلامية لأبناء المهاجرين في أوروبا، أعمال ندوة تعليم العربية لأبناء الجاليات العربية في أوروبا الواقع والأفاق، تونس، 1990

سبت, 19/12/2020 - 09:55