انشقاقات.. موريتانية صومالية

مع تجدد الحديث في كل مرة عن انشقاقات أو انسحابات جماعية داخل أحد أحزابنا السياسية، أتذكر أنفسنا كما أتذكر إخوتنا الصوماليين أيضاً. فلدينا غالباً ما تكون الانسحابات في اتجاه الحزب الحاكم فحسب، ومن طرف أشخاص لم يستطيعوا الاستمرار في تحمل العقوبات المالية والوظيفية المفروضة عليهم من جانب السلطة لممارستهم الفعل المعارض ذاته، لكنهم يتعللون دائماً في بيانات انسحابهم بسبب وحيد هو انعدام الديمقراطية وغياب المؤسسية في حزبهم السابق، رغم أن حزبهم الجديد (الجمهوري أو عادل أو الاتحاد) هو الأكثر افتقاراً إلى هذين العنصرين، أي الديمقراطية والمؤسسية!
كما أتذكر إخوتنا الصوماليين لأن الأحزاب والجماعات والمنظمات السياسية لديهم تنقسم وفق آليات للتشظي مدهشة في سرعة إيقاع عملها. فالحزب الواحد سرعان ما يصبح حزبين، وهذان لا يلبثان إلا فترة وجيزة حتى يتحولا إلى أربعة أحزاب، وهلم جرا.. لذلك فأي توصيف للحياة السياسية الصومالية (بتوازناتها وتحالفاتها) يصبح توصيفاً قديما بعد بضعة أشهر فقط، لما استجد في غضون ذلك من انشقاقات وخصومات وصراعات غيرت الخريطة السياسية كلياً وقلبتها رأساً على عقب. ويحدث ذلك ببساطة لأن الصوماليين، وهم أحد أكثر شعوب العالم اتصافاً بالتجانس الديني والمذهبي واللغوي والعرقي، "ما فيهم ال يحمل الباسو، من شدة الصنعه"، ولهذا السبب (طبيعة الشخصية الصومالية) نجد أنهم فقدوا دولتهم الوطنية في أتون حرب أهلية ظلت تتحول إلى صراعات أهلية داخلية تتكاثر وتتناسل (بين القبائل وبين المليشيات، وداخل كل قبيلة ومليشيا)، كما نجد أنه من الصعوبة أن يستطيعوا استعادة وحدتهم المركزية في الأمد المنظور، رغم الجهود الطيبة التي تبذلها نخبهم العائدة من تجارب حياتية كانت مغايرة ومفيدة لها في الغرب.

أربعاء, 23/09/2020 - 09:35