لقطات من مقابلة الرئيس عزيز

شكل توقيت توقيف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عشية موعد عقد مؤتمره الصحفي الأصلي ثم استدعاؤه مع اقتراب الموعد الثاني لنفس الخرجة الإعلامية أهم عامل (دعاية غير مبرمجة) وراء خطفه الأضواء واستقطابه -غير المسبوق- لاهتمام ومتابعة الموريتانيين بجميع مستوياتهم وعلى اختلاف وتنوع مواقفهم ومواقعهم.. ما يجعل من غير المستبعد حصول نوع من «المقايضة» بين هذا الأخير وبين السلطة خاصة وأن بعض مضامين المؤتمر الصحفي توحي بمؤشرات تدعم مثل هذه الفرضية..
من ذلك، مثلا، تأكيد ولد عبد العزيز (بنوع من الثقة) على أن كل الصحفايين سيجدون الوقت لطرح أسئلتهم وأن البث مباشر ولن يتوقف؛ ليظهر بعد ذلك، عدة مرات، وهو يتحقق من عمل أجهزة البث خاصة المايكروفون؛ في مشهد يذكر بحادثة انقطاع البث المباشر خلال حفل التوقيع النهائي على اتفاق دكار قبل 11 عاما أثناء خطاب استقالة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ليتدخل الرئيس السينغالي يومها عبد الله واد لفرض عودة البث الحي...
اعتمد ولد عبد العزيز عند بداية حديثه للصحافيين أسلوب الهجوم المباشر محاولا تحميل خصومه السياسيين خلال العشرية كامل المسؤولية عما يجري بشأن التحقيق في فترة حكمه؛ مؤكدا أن هؤلاء هم من سعوا إلى تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية وكانوا ضمن تشكيلتها.. في إشارة واضحة للوزير الأول الأسبق يحيى ولد أحمد الوقف الذي المح إليه عند الحديث عن إفلاس شركة الخطوط الجوية الموريتانية، ومعه نواب «تواصل» الذين كان الحديث عن حزبهم، تصريحا وتلميحا، من أبرز ما تردد طيلة الخرجة الإعلامية..
حاول ولد عبد العزيز لعب ورقة «الدهاء السياسي» عند الحديث عن حركة الكادحين حيث عمد إلى تصنيف قادة حزب اتحاد قوى التقدم كفريقين امتدح أحدهما (مناضلون تاريخيون خدموا الوحدة الوطنية) وهاجم الآخر (وافدون لهم دور في فساد أنظمة سابقة) في مسعى واضح لمغازلة مجموعة القيادي اليساري التاريخي محمد المصطفى ولد بدر الدين والنائب خديجة مالك جالو وفريقهما المنشق مؤخرا عن الرئيس محمد ولد مولود ورفاقه..
اعتمد الرجل أسلوب المراوغة عند الحديث عن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حيث أبدى احترامه له وعدم تحميله، بشكل صريح، أي دور في حملة «الشيطنة» التي قال إنه يتعرض لها ضمن تصفية حسابات سياسية ممنهجة؛ ليعود فيذكر أنه شريك له في بعض الأمور التي يتهم بها حاليا؛ خاصة ما يعرف بـ«فضيحة اليمني»، وكذا مسألة زيادة ميزانية رئاسة الجمهورية..
كان لافتا إقحام ولد عبد العزيز لرئيس اتحاد أرباب العمل زين العابدين ولد الشيخ أحمد في مسألة الثراء الفاحش والسريع التي تشكل أهم تهمة يواجهها الرئيس السابق نفسه؛ خاصة وأن العلاقة بين الرجلين كانت «سمنا على عسل» كما يقال؛ وهي خطوة من الصعب استيعابها خارج إطار البحث عن «كبش فداء» لتشتيت تركيز «الخصوم»... 
في إطار حديثه عن استهدافه ودعوته للتحقيق في السنة التي أعقبت عشريته وفترات الأنظمة التي تعاقبت على السلطة قبل ذلك منذ الاستقلال، حدد ولد عبد العزيز نهاية فترة أنظمة ما بعد انقلاب يوليو 1978 بسنة 1983؛ ما يعني تجنب ذكر «عشرينية» الرئيس معاوية ولد الطايع (1984-2005)، وهو موقف يصعب اعتباره محض صدفة.. 
نجح الرجل في تفادي الوقوع في «فخ» الإعلان عن موقفه من الاتفاق الأخير بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، مكتفيا بالقول إنه قام بما يجب القيام بيه عندما كان رئيسا (قطع العلاقات مع إسرائيل) وليس مسؤولا عن أي موقف بهذا الشأن وهو خارج السلطة.. إذ لا يمكنه التنديد بموقف أبو ظبي وهو الذي ارتمى في محورها دون تردد ضد دولة قطر، كما أن دعمه لموقفها يعني تناقضا صارخا مع قرار طرد السفارة الإسرائيلية وبالتالي نسف أهم «مكسب» في رصيده يحظى بإجماع الموريتانيين...
كان أسلوب «المهادنة» في تعاطي الرئيس السابق مع المواضيع ذات الصلة لعلاقته بالرئيس ولد الشيخ الغزواني ونظرته للقضاء، وكذا انتقاده لاعتماد لجنة التحقيق البرلمانية مكاتب خبرة أجنبية، مؤشرا يدفع للاعتقاد باحتمال الوصول إلى نهاية «تصالحية» بشروط محددة...

 

جمعة, 28/08/2020 - 21:57