عن أحداث الشامي ومشكلة التنقيب التقليدي

أعتقد أن تعاطي الدولة مع التنقيب التقليدي خاطئ منذ البداية، و لا يزال القطاع الوليد كغيره من القطاعات يعاني من عشوائية التعيينات،  التي دأب الرؤساء العسكريون و ذوو الخلفية العسكرية على انتهاجها، و منها تعيين السيدين حمود ولد امحمد و أسغير ولد امبارك،  على التوالي مديرا عاما و رئيسا لمجلس إدارة شركة معادن حديثة النشأة، و التي يفترض أن ترعى القطاع المعدني كله و منه التنقيب التقليدي عن الذهب و غيره.

يتم الحديث منذ مساء اول امس عن اتفاق بين ممثلي المنقبين و شركة معادن، يتم بموجبه تأجيل دفع الإتاوات حتى تتم مراجعتها، و ذلك بعد أن أنهى تدخل الجيش الفوضى العارمة التي أحدثها المنقبون التقليديون، احتجاجا على ما دعوه الضرائب الباهظة و الظالمة، فوضى وصلت لحد حرق مقار أمنية و إلى ما يشبه خروج مدينة الشامي عن السيطرة، و يبدو ان هذا الإتفاق لن يكون حلا نهائيا و عقلانيا لمشكلة هذا القطاع و حل مشاكله، و إنما سيكون حلا مؤقتا يلبي بعض المطالب الملحة للمنقبين و يعيد الأمن للمدينة و يرفع عن السلطات الحرج في هذه الظرفية الصعبة.

  

أعتقد أن حل مشكلة المنقبين التقليديين و القطاع الذي يعملون به، لن يتم  ما لم تقم  الدولة بخلق استراتيجية محكمة و مصممة بعناية لتنظيم هذا القطاع، و سيتحتم على الدولة أن تفرض جملة من  الشروط و المعايير اللازمة لسلامة المنقبين ، و أن تفرض رقابة صارمة على المستخرج من سلعة مركزية و خطيرة كالذهب، و أعتقد أن من هذه الشروط الضرورية مثلا : 

 

* أن تحدد شروط السلامة و الأمن التي يتحتم على كل منقب الإلتزام بها، و تحديد العقوبات المالية و الزجرية لمن يخالفها حفاظا على سلامة المواطنين.

* أن توفر المياه في أماكن التنقيب.

* أن توفر فرقا مدربة من الحماية المدنية مزودة بالآليات اللازمة كالرافعات مثلا.

* أن توفر نقاطا صحية و مسعفين و سيارات إسعاف في أماكن التنقيب.

* أن توفر فرقا أمنية أو دوريات في أماكن التنقيب.

* أن تتولى الدولة توفير أجهزة أو آلات لوزن الكميات المستخرجة،  تلزم المنقبين بإستعمالها،  و على أساس ذلك الوزن تفرض نسبة ثابتة للخزينة، و لمنع التلاعب و التحايل و التمالؤ المحتمل بين المنقبين و القيمين على هذه الأجهزة، يمكن أن تفرض محطتي وزن يؤدي عدم اتفاقهما إلى كشف التلاعب و التحايل ......

* تخصص الدولة مراقبين فنيين مختصين في الذهب و مفتشين ماليين لضمان عدم التلاعب بالأموال العمومية العائدة من الضرائب أو نسب الاقتطاع المفروضة على الكميات المستخرجة.

      و أخيرا يجب أن تعمل الدولة على تنظيم هذا القطاع، المهم للإقتصاد الوطني و الخطير في نفس الوقت على توازنه و استقراره المالي، و أن تحمي المواطنين المنقبين و الذين توفي منهم العشرات على مدى الأشهر الماضية، و تعرضوا للإهانة و سوء المعاملة و رداءة الخدمات و غموض الإطار القانوني لميدان عملهم.

 

باب سيد أحمد سيداتي

اثنين, 24/08/2020 - 14:47