ولد يحيى: رجـل مَنْـظـرٍ لا رجـل مَخْـبَـرٍ

وربما بلغة عصرنا الحالي رجل علاقات عامة لا رجل إنجازات رياضية.

السيد ولد يحيى نجح في خلق صورة مغالطة ومخادعة لواقع رياضي لا وجود له على أرض الواقع. استطاع أن يخلق شبكة علاقات قوية مع المسئولين القاريين ومسئولي الفيفا، كما امتدت علاقاته إلى النجوم الكبار في كرة القدم، واستطاع بعلاقاته أن يقيم لهم سهرة ماتعة هنا في نواكشوط وأن يوهم الجميع أن موريتانيا بلد ناجح رياضيا. وليس في جعبته في كل هذا التسويق والتزويق إلا تأهلين يتيمين أحدهما لكأس إفريقيا للمحليين وآخر لكأس إفريقيا للأمم. 

دعمت الدولة في الفترة السابقة وبقوة الرياضة ونظمت حملتين كبيرتين لجمع التبرعات للمنتخب الوطني، وكانت مشاركتنا في المناسبتين أو الثلاث القاريتين مخيبة للآمال ودون المستوى المطلوب.

النجاح الرياضي لا يقاس بكثرة الصحاب ولا بالصورة الحسنة التي تخلقها مع رجالات الإعلام وشركات العلاقات العامة، والنجاح الرياضي ليس تأهلا إلى تصفيات قارية، النجاح الرياضي هو خلق بيئة رياضية وبنية تحتية رياضية قائمة، إنشاء ملاعب وفضاءات رياضية، وأندية رياضية قوية، واستثمار على مستوى البنيات الرياضية القاعدية (ملاعب مدرسية، دوريات جهوية ومقاطعية وبلدية، تشجيع رياضة النشء وخلق ثقافة رياضية على مستوى كل قرية وتجمع قروي وكل عاصمة مقاطعة أو ولاية).

وإذا أخذت نفسك في جولة مسائية في نواكشوط، في أي ركن منه، ستتألم أن المئات من الشبان لا يجدون فضاءات مهيئة لممارسة الرياضة، مرغمون على ممارسة لعبة كرة القدم في العراء أو على صعيد ترابي خشن غير معد وربما آذاهم وأضرهم، لكن ماذا يعملون؟ وليس هذا حال شبان نواكشوط، هذا حال شبان موريتانيا قاطبة!
وفطنت مرة إلى أن ملعب ملح (توجنين) مغلق أمام الشبان، وكان لديهم فضاء واسع في محاذاة * الشيّارة إلى أن التجار أو الملاك الذين لا تهم الرياضة في شيء قد سيّجوا الفضاء، فلم يبق غير جزء مجتزء من الفضاء للنشاط الرياضي. 

ربما كثيرون سيكونون غير راضين عن ما قلت، ويندفعون في الانتصار وبقوة للسيد ولد يحيى. لهم كامل الحق في أن ينتصروا له، لكن من الأفضل أن تنتصر بالحق وبالواقع، لا أن تنتصر بالعاطفة والحمية. وهناك الحساسية المفرطة لدى البعض في انتقاد ولد يحيى، وهو ليس فوق النقد ولا أكبر منه، ولكل واحد الحق في أن يقول رأيه وبحسب ما يرى ويشاهد من غير تحامل ولا تلفيق. 

ولد يحيى شاب ذكي وطموح وقد ارتقى إلى هذا المنصب الهام، لكن كان من الأفضل لو استثمر في إنشاء بنية تحتية رياضية لناشئة موريتانيا ولشبابها. بناء صورة مزيفة عمل *سياسوي فوضوي وعبثي، ولا يغير الواقع. ما يبقى ويهم هو بناء هيئة رياضية من مستويات قاعدية وبنية تحتية قوية وإنشاء جمعيات ونواد رياضية مهنية والاستثمار في النشء والمراهقين ودعمهم ورعايتهم حتى يصلوا إلى منصات التتويج ويقطفوا ثمار النجاح. أما النجاح الشخصي وبناء شبكة علاقات شخصية فهو شيء لا يعتد به في الرياضة عموما، وفي لعبة كرة القدم على الخصوص.

 

ثلاثاء, 21/07/2020 - 00:22