كوفيد19: قناعتي الخاصة

من زوايا مختلقة ومثيرة للاهتمام تعالج مختلف دول العالم ازمة كورونا التي تثير قلق الحكام والمحكومين، حيث نعيش مضاعفات الازمة اجتماعيا وثقافيا نتيجة الحجر الصحي الشامل كإجراء وقائي متفق عليه من طرف جميع دول العالم ومنظمة الصحة العالمية.

هذه الظاهرة الجديدة والغير مسبوقة، تثير الدهشة والاستغراب والكثير من التساؤلات لدى المواطنين، لكن يجب ان نفهم انها الوقاية والعلاج في نفس الوقت، فالاجتهادات الصحية والامنية والشرعية متطابقة في هذا المجال.

شخصيا مطمئن لأني أرى أن لدينا دولة تعمل بسيادة وتتخذ إجراءات قوية وشجاعة لحمايتنا.

لن اتحدث عن تناقضات العالم الذي تحول من العولمة كسلوك تفرضه الحاجة الى الدولة الوطنية كواقع يفرضه الخوف.

يمكننا التحدث عن أهمية القرارات المتخذة والتوقيت والتدابير المصاحبة لها،ولكن يجب الاعتراف بأن أولئك الذين اخترناهم يقومون بعملهم ويفعلون ذلك بشكل جيد والحمد لله. حيث تقوم اللجان التي يقودها الوزير الاول لتسيير الازمة بعمل يستحق الاشادة.

ماذا عنا نحن؟ ماذا نفعل لرعاية أسرنا، أعمالنا، زملائنا، مجتمعنا بصفة عامة؟
هل ندرك أن لدينا نفس المسؤوليات التي تتحملها الدولة في هذا الظرف؟ هل ندرك أنه بدون التزامنا لن يتم التغلب على هذا الفيروس؟ هل نتعلم من هذه الآفة الحديثة التي تترك مثل هذا الحزن والخراب؟ هل ندرك ضعفنا وعدم قدرتنا على تحمل أمر أقل إزعاجًا؟
أثناء انتظار التأمل في هذه الأسئلة البسيطة، أود أن أشارككم الدروس التي تعلمتها من هذا الوضعية التي فرضها فيروس كورونا الذي رأيناه يأتي من بعيد وعواقبه على حياتنا وحياة البشرية:

-يجب أن نستثمر أكثر في الصحة ، وخاصة الصحة الوقائية وفي حالات الطوارئ
-يجب علينا استخدام التكنولوجيا المتقدمة بحكمة (مثل الطائرات بدون طيار التي يمكن أن تنقل الأدوية وبعض الامور في الحالات الاستثنائية ).
-يجب أن نستثمر أكثر في القطاعات الاستراتيجية التي لا تسفر بالضرورة عن الكثير في وقت السلم ، ولكنها تصبح حيوية في حالة حدوث خلل: أفكر على سبيل المثال في إنتاج الأقنعة فهو لا يتطلب تكنلوجيا كبيرة وقد بدأت الفكرة تتبلور بالفعل بمساهمة قطاع الصناعة التقليدية)  صناعة عشرات الالاف من الكمامات( التي قدمت باسم وزارة الثقافة.
-يجب علينا تعزيز حوكمة الإنترنت بشكل حتمي من خلال نصوص رادعة (علينا أن نكتتب جيشا متخصصا في الأنترنت لشبكة وزارة الصحة ووزارة الداخلية تحديدا لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وما ينشر فيها من معلومات قد تشكل ضررا علي المجتمع) ؛

-يجب أن نشجع التعليم عن بعد من خلال العمل على الإصدارات الإلكترونية من برامجنا التعليمية وإضفاء الطابع الديمقراطي على استخدام الأجهزة اللوحية في المدارس والجامعات ؛ واقترح في هذا الاطار تعليم اطفالنا ل ابجديات المعلوماتية والانترنت في المرحلة الابتدائية.
-يجب أن نفكر في برامج الترفيه لأطفالنا من خلال رفض إملاء ألعاب الفيديو والهواتف المحمولة والرسوم المتحركة للصغار (بدلاً من ذلك ، يجب أن ننشئ ألعاب القراءة والعقل ، والثقافة العامة وما إلى ذلك). ان حكايات الجداة مازالت تشكل ارثا ثقافيا اجتماعيا غنيا.
-يجب أن نستثمر في قطاع الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات والفواكه والحبوب، فلا أمن لمجتمع يأكل مالا يزرع، ولن يتم ذلك الا بتبني سياسية عقارية جديدة تبدأ بتأميم الاراضي الزراعية واعادة توزيعها توزيعا بطريقة عادلة.

وربما يعيدنا هذا الظرف الصحي ايضا الي عوالم الابداع الثقافي ومقاصد ادبية جديدة وزخم روحي يطوي عهد التقشف الادبي تماما كما حدث مع رواية الطاعون الشهيرة لالبيركامو التي نشرت بعد الحرب العالمية الثانية،حيث نكتشف ان المسؤولية الجماعية شرط انساني واساسي لتحقيق المصلحة العامة، او رواية الحب في زمن الكوليرا للكاتب الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز الذي استطاع بخياله الواسع ان يطبع الذاكرة الجمعوية بتشعب خيوط روايته لتتحول الي قصة شعبية واعمال فنية عابرة للقارات.

استخدام "نحن" الجماعة يجد أساسه في اقتناعي بأن الدولة هي نحن، لذا علينا ألا ننتظر، دعونا نفعل مثل كل هؤلاء الموريتانيين الذين يحشدون إلى جانب السلطات لشن "الحرب" ضد COVID 19. فلنوقف الانتقادات العقيمة والمحاكمات الزائفة والإشاعات الخبيثة. دعونا نكون أكثر واقعية ونتجنب إهدار طاقاتنا.
.
علينا أن نلتزم بالتعليمات ونقوم بواجبنا كمواطنين مخلصين فاهمين ومتفهمين ...بالانضباط والتصميم والتضحية والمشاركة في عملية التعبئة،سنهزم فيروس كورونا إن شاء الله!

نسأل المولي عز وجل ان يبلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين وان يتقبل صيامنا وقيامنا وان يضاعف لنا الاجر وان يحفظ بلادنا آمنة مستقرة متحدة.

 

أربعاء, 22/04/2020 - 22:14