جموع ودموع !

بالأمس شكل فائض أعداد الشخوص وتداخل سحنات الوجوه  التي حضرت بمسجد " بن عباس"  للصلاة على المرحوم الصوفي ولد الشين لوحة وطنية بديعة
 ومعبرة وهي رسالة مهمة باقية ومطمئنة . 
لقد كانت لحظة تعانق أخوي والتحام جماعي عاطفي ، لذلك فهي جد مبشرة لما يستقبل من تاريخ البلد .
رحل الصوفي وقد سجل إسمه في سفر الخالدين ضمن الرموز الوطنية الجامعة  وهو امتياز ضنين و عزيز مطلب إذ مهره بذل الدم و التضحية وهو قصر على  أصحاب الهمم العالية و حملة القضايا العادلة .
و بسكينة وحزن تزاحمت تلك الحشود انتصارا  لما تراه مظلومية شخصية وتقديرا لطرح ذي مقبولية كما كان استشعارا 
لخطرما و حتى دفاعا عن الذات . 
مضى الصوفي إلى ربه ليجيب عن أسئلة هناك و حيث تستوفى الحقوق كاملة عند الملك العادل  لكنه خلفنا وراءه للإجابة على أسئلة من طبيعة أخرى و لنواجه استحقاقات ملحة و جوهرية .

إنها أسئلة في الصميم حول طبيعة العلاقة بين السلطة و المواطن و حول قضية المواءمة بين الدولة و المجتمع .
إنها الأسئلة  الفلسفية الأولى حول مقصد الدولة نفسها من حيث ما إن كانت دولة "خادمة" للمجتمع ابتداء ، أي دولة  مرافق عمومية أم أنها في المقام الأول دولة "حارسة " تحتكر القوة و ممارسة العنف المشروع ؟
ثم ما ذا ينبغي أن تكون عليه حدود تلك الممارسة في تنزلاتها و اشتراطاتها وضروراتها ؟ 
مع واجب التنويه الأساسي  إلى الخيط الرفيع و الجوهري الفاصل بين ضرورة خضوع الجميع وعلى كل المستويات  للقانون و للمراقبة وللمساءلة  مع واجب  الحفاظ على هيبة و سلطة  الدولة وأجهزتها و رموزها لأن في ذلك مناط صلاح حال المجتمع وتحقيق  السلم الأهلي الضروري لقيام العمران و لأن أي إضعاف لمكانة الدولة أو أي من امتداداتها في النفوس هو إيذان بالفوضى والهلاك .

أربعاء, 15/02/2023 - 15:51