المثقفون وupr أيهما رغب عن الاخر؟

 بما أن النصوص حقيقة افتراضية وكامنة ، ولا يكون في مقدورها مواصلة الحدوث والتبدي بذاتها إلا إذا قام متلقي يمتلك إسهاما مكافئا في الأهمية بتفعيلها ، لذلك سنستفيد من رؤية القارئ الكريم حينما يدرك تماما أن تقييم المثقف إن كان نقدياً أو زائفاً يتوقف على مدى ارتباطه بجمهوره واستيعابه لثقافة مجتمعه ، لأن الأفكار تستمد أهميتها، وتاريخيتها، عند تحولها الى قوى بأيدي الشعب من خلال الوعي النقدي الشمولي للواقع ، وحينها  تتحول البلاد إلى كتلة ناهضة بعد أن تمردت على ثقافة اللاجدوى، النخبوية الشكلانية عند المثقف التقليدي الذي يجرّد المعرفة من كل معنى تحرري، إنساني وأخلاقي في  حالة من التفرد و التنائى بوصفه فوق الشعب .

 

وفي هذا يرى المفكراليساري " أنطونيو غرامشي " أن الطبقات تفرز مثقفيها تجانسا ووعيا ، فالمثقف العضوي ينطلق من الراهن ومن السياق ويعتمد على التحليل والبراهين ليستخلص بعدها الرؤى، وينطلق من كل ما هو نسبي وتاريخي ، ولا يركن لثابت بل هو متمرد على المألوف ويمارس دوره من موقعه الفكري المستقل والمسؤول ولكنه غير حيادي لأنه منحاز الى جمهور الفقراء والمهمشين ويعمل على نشر قيم التقدم والحرية .

 

وعليه فإن عملية خلق المثقف النقدي في بلادنا مع ما تعانيه من حيف قد تشكل الرافعة العملية بإتجاه صياغة طبقة جديدة تستقطب المثقف التقليدي بعد أن صقل نفسه عن طريق وعيه الشعوري بالأشياء ، بما يشير إلى أن إعادة إنتاج المجتمع لا يمكن أن تقودها فئة متواطئة ضد جمهورها ، ولا يمكن أن ترتقي بوعي سطحي مفاده أن المثقف يمكن أن يكون نخبويا إذا تميز وابتعد عن الأمة دون الشعور بالأحاسيس الأولية للناس، ومن ثم تفسيرها وإيجاد التبريرات لها في إطار وضع تاريخي واجتماعي محدد  وهو  ما نراه اليوم داخل أروقة الاتحاد من أجل الجمهرية الذي لا يرى ضرورة للبحث عن النموذج البديل لما هو قائم خشية أن يتم  طمس واقع التفاوت، والالتفاف على مكامن التناقضات الحقيقية ، وحتى لا يهجس المكان للمثقف النقدي المتماهي مع المواطنين العاديين باعتباره ينزع الى الفعل في مستقبل يتشاركه والجماهير بوصفه واحدا منهم و ليس فائقا عليهم ، لأن مادة ابداعه هي همهم وأحاسيسهم التى يهبونها له ، مع أن أي مثقف حقيقي سلك هذا السبيل  سيدرك حتما أنه في هذا الظرف بالذات الذي يتم فيه احتكار المنار وتنشر  الآراء المغشوشة دون حياء  عليه أن يختار وفق متطلبات الاضطرار ذلك الطريق المؤدي إلى مغالبة التيار .

أحد, 29/12/2019 - 15:02