موريتانيا المونوبولى

كنا قد درسنا في القانون الدستوري ان الملكة البريطانية تتمتع بحصانة مطلقة فإذا ارتكبت جريمة جنائية  مثلا وثبت ذلك فان المحكمة تستدعي رئيس الوزراء.

في موريتانيا و منذ أن قررت رفع اختصاص مساءلة الحكومة الى محكمة متخصصة تسمى محكمة العدل السامية، لم يعد القضاء العادي يختص بمساءلة أعضاء الحكومة  نظرا لغياب هذه المحكمة منذ اكثر من 10 سنوات.

ومحكمة العدل السامية ينتخب قضاتها من البرلمان بأغلبية مطلقة ، ولا يمكن اتهام  رئيس الدولة و اعضاء الحكومة إلا بأغلبية البرلمان أيضا(المادة 93 من الدستور) واغرب ميزة لها هي ان قرارات غير قابلة للطعن امام أي جهة اخرى ،وبما ان اغلبية البرلمان اليوم و الامس من الحزب الحاكم فمن المستحيل اتهام أي من اعضاء الحكومة،وبهذه المناسبة فلا اعتقد ان المواطن الموريتاني كان متفهما لهذه المادة وقت التصويت عليها.

وباختصار شديد فان سلطة الاتهام والحكم على الحكومة بيد حزب U.P.R.الآن.

فإذا كان القاضي ملزما بالابتعاد عن السياسة من اجل الحياد والاستقلالية في اصدار الاحكام فإن قضاة هذه المحكمة سياسيون مما يجعلهم عرضة للاتهام بعدم الحياد كما لا يشترط فيهم معرفة بالقانون المراد تطبيقه.

فاذا ما نظرنا الى عدد أعضاء الحكومة وان كل قرارات ومقدرات البلد تحت تصرفهم ،والى الطريقة التي يتم بها اختيارهم ،مع العلم ان السائد هو ان نهب المال العام بطولة، هذا كله سيجعلك تقلق على مستقبل هذا البلد. 

فقد طبقت هذه الحكومات ان من آداب الأكل الأكل فلكي يتفرد المسؤولبغنيمته من المال العام تم تغييب مفتش دولة مستقل ومحكمة حسابات مكتملة التشكيلة ومحكمة  العدل السامية.

فمفتش الدولة عندنا يتبع لرئيس الوزراء فهو الذي يحدد له وجهته وجميع اعمال المفتش يقدمها له بدلا من وضعها امام القضاء ليحكم فيها، فيقوم رئيس الوزراء بالتصرف فيها كما يشاء حماية لأقاربه وأصدقائه خاصة  كبارالمديرين .....

فالرئيس الفرنسي مثلا الذي قضى معظم حياته عمدة لبلدية باريس او رئيسا لفرنسا لم يترك شيئا لورثته ،خلافا لوزرائنا ومديري مؤسساتنا الحيوية العاكفون على نهب خيرات الشعب الموريتاني فيتزعمون قبائلهم و يتخندقون للانتخابات القادمة.

فإذا كانت المحاكم البريطانية يمكنها استدعاء أي عضو من حكومتها ،فإن الموريتانية عاجزة لعدم الاختصاص النوعي انتهاكا لنظرية مونتسكي التي اجمع العالم على تطبيقها والمتمثلة في السلطات الثلاثة (التشريعية. التنفيذية.والقضائية) وبهذا تكون الدولة عندنا مختلة بالنسبة للساسة ،اما المواطن العادي فله قانونه ومحاكمه وسجونه وكأن القانون وجد ليطبق على الضعيف فقط.

فدولتنا اذا دولة ديمقراطية ورئيسنا منتخب من طرف الشعب وقد تم تنصيبه ليعين حكومته  ليبدءوا لعبة المونوبولي الى ان يتم إلغاء المادة 93 من الدستور وبأثر رجعي خاصة واننا مقبلون على استخراج الغاز قريبا.  

ذ المحام /احمد ولد النانه

 

ثلاثاء, 10/12/2019 - 15:17