اتحادية المخابز واتحادية الأدباء!

أن تكون عضوا في اتحادية المخابز خير لك ألف مرة من أن تكون عضوا في اتحاد الكتاب والأدباء، و أترك لك -عزيزي القارئ- معرفة موطن الاتحاد، فأن تكون عضوا في اتحادية المخابز فسيجلب لك ذلك خيرا كثيرا، فستجد نصيبك من الخبز بتسعرة التكلفة كما ستتحكم بشكل خبزك، وأكثر من ذلك أهمية سيكون لفكرك أمر يشغله على الدوام، فأنت مطالب بالتفكير المضني في معضلة تقزيم الخبز باستمرار مع ثبات تسعرة البيع (20 أوقية) أو زيادة حجم الخبز بسنتمترين مع مضاعفة سعر البيع (40 اوقية).
فأنت هنا إنسان مفكر تعمل عقلك في أمور في غاية التعقيد، فأنت لا تقل أهمية عن "اينشتاين" و "انيوتن" أو "الفريد نوبل" أو العالم العربي "منير نايفة" الذي استطاع تحريك الذرات منفردة.

أما أن تكون عضوا في اتحاد الكتاب والأدباء، فذلك أمر يدعو للشفقة، فهو يعني جمود تفكيرك وإعطاء إجازة مفتوحة لعقلك، فقد حكم عليه بالعزلة والإنطواء، فلا أحد سيسأل عنك، ولن يرن هاتفك رنة أدبية أو "كتاباتية" فليس هناك اتحاد أصلا، فلا أحد يعرف أحد، حتى يتحد معه، ولا أحد تربطه علاقة بأحد حتى يلتقي معه. 
فالأسهل والأكثر حدوثا غالبا، أن تلتقي بمحمد الماغوط، أو غادة السمان، أو جمال الغيطاني، أو "غارسيا ماركيز" أو حتى بإمكانك احتساء الشاي في "الخوارة" أو "تكند" في الخريف القادم مع كافكا (الذي رحل عن دنيانا) لكن أن تلتقي بأحد كتابنا أو أدبائنا أو مثقفينا فذلك محال، فلا مكان ولا مناسبة للقاء، فدعك من مقر اتحاد الكتاب أو الأدباء.

كلما قرأت عن تظاهرة ثقافية أقيمت، ونادرا ما يحدث ذلك، إلا إذا كان لتأبين شخص من المهتمين بالثقافة غالبا ما يكون قد توفي وغصة في حلقه من حال الثقافة عندنا، وكلما قرأت عن ذلك تسائلت كيف التقى هؤلاء "المؤبنون" أعن طريق التخاطر أو عن طريق الأطباق الطائرة. 

 

المصدر:

زاوية بلا قناع، القلم، العدد 229، بتاريخ 16 فبراير 2003.

سبت, 17/04/2021 - 10:20