الخزينة تخالف توجه البنك المركزي في موضوع خفض الفوائد

كل البنوك المركزية حول العالم اعتمدت سياسة نقدية تيسيرية من خلال خفض الفوائد بهدف إنعاش الاقتصاد والتخفيف من أثر الجائحة . و من بين الأهداف الغير المعلنة أيضا لتلك الخطوة : إتاحة فرصة الاقتراض أمام الخزائن الحكومية عن طريق إصدار أدوات دينها التقليدية (السندات ، أذونات الخزينة) و بفوائد متراجعة تبعا للخفض الحاصل في الفائدة الأساسية ، في ظل وجود مستويات عالية للمديونية العالمية قبل ظهور الجائحة كما كانت تتحدث التقارير الدولية ؛ ما يعني سهولة الولوج لقنوات تمويل لتعبئة المزيد من الموارد لزيادة الإنفاق على قطاعات الصحة و الحماية الاجتماعية ، دون أن يكون لذالك تاثيرا كبيرا على فاتورة خدمة الدين بالنسبة للحكومات خاصة أن تلك أوراق الدين هي في معظمها قصيرة مدة الاستحقاق أوالدفع.

لكن الحكومة الموريتانية لم تذهب في ذالك الاتجاه بشكل مطلق : فبعد أن خفض البنك المركزي الموريتاني الفائدة الأساسية (الربح أو العائد الذي يحصل عليه عند إقراضه البنوك الوسيطة الأخرى) من %6،5 إلى %5 ، ونسبة الاحتياطي الإلزامي (حجم الأموال التي تستطيع البنوك الاحتفاظ بها من أموال المودعين لدى المركزي ) من %7 إلى %5....بهدف دعم المراكز المالية للجهاز المصرفي الذي يعد بمثابة رئة الاقتصاد والتعزيز من ملاءته المالية ؛ كي يكون قادرا على الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي أو إقراض الأموال للأفراد ، الأسر و الشركات الموريتانية ، فقد قررت الخزينة الموريتانية أيضا رفع الفائدة على أذوناتها : وهي كما أشرنا سابقا أوراق دين تقترض بها الخزينة الموربتانية من جهة الشركات و البنوك المحلية ،حتى تجاوزت تلك الفائدة مستويات %5 ،بعدما كانت في حدود %4 ، ما يعني ارتفاع تكلفة الاقتراض على الخزينة الموريتانية وبالتالي زيادة كلفة خدمة الدين ماقد يؤدي لتعميق العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة بعد إعادة تعديل القانون الأصلي لها؟؟؟!!!

 غير أن المطالبة بتعليق دفع أقساط الدين الخارجي و التي تم الاستجابة لجزء مهم منها لاحقا في إطار مبادرة مجموعة العشرين ،و تدني نسبة الدين الداخلي أصلا من الدين العام للبلد والتي لا تتجاوز %5 ،و احتمال ارتفاع معدلات التضخم بسبب زيادة معروض السيولة في مفاصل الاقتصاد و اضطراب الإمدادات العالمية وارتفاع الدولار الملاحظ في الأسواق الدولية مع بداية الجائحة ....ربما هي عوامل من بين أخرى دفعت بالخزينة الموريتانية إلى الذهاب في عكس الاتجاه العام للبنك المركزي الموريتاني من خلال رفع الفوائد على إصداراتها من أوراق الدين المحلية، بغية أيضا استقطاب المزيد من المسثمرين خاصة الخصوصين منهم ، بعد عزوف هم طيلة العشرية الماضية عن شراء أذوات الدين ؛ ماسيعزز في المقابل من هامش ربحية أولئك الفاعلين الاقتصاديين لكي يصبحوا مستعديين للتعاطي مع الجائحة واتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية إذا مادعت الضرورة إلى ذالك : مثل تأجيل دفع أقساط دين العملاء كما فعل البنك الشعبي الموريتاني (BPM) منفردا.

أمم ول أنفع 
كاتب اقتصادي

امم ولد انفع، كاتب اقتصادي
أحد, 11/04/2021 - 19:40