سابقة نادي الوزراء السابقين

تحرص المجتمعات البشرية  الراقية_من حين لآخر _ على مراجعة  تاريخها الإجتماعي والسياسي لتنقيته من الشوائب  وتجديد عراه وتأصيل منابعه كلما تعددت سواقيه.و هو ما يعرف بإعادة كتابة التاريخ، فترنو هذه المجتمعات  إلى  المجيد من ماضيها ليحفزها كلما تعثرت في سيرها نحو الرقي والإزدهار و تكتشف ما كان سيئا منه، فتتجاوزه ؛ كما تستشرف مستقبلها في أحلك الظروف دون أن تقف محطات الضعف في ذلك الماضي أو الحاضر حجر عثرة في طريقها؛ فيشكل التراكم الإجتماعي عنصرا أساسيا من عناصر تشكلها فتزهو بالإندماج والتكامل لكونهما صمام أمان لحمتها ورقيها.ولعل من أهم عوامل تنمية المجتمعات المبنية على أسس سليمة: استخلاص العبر والتجارب من حياتها مع مراعاة مايدور حولها أي توظيف التراكم السياسي والإجتماعي في الأمم و الشعوب  للوصول إلى الأهداف المرسومة عبر أكثر الدروب أمانا.

في المقابل ينسف الإستبداد الإجتماعي والسياسي كل محاولات التنمية  الإقتصادية و البشرية  حيث يزداد السخط والشقاق الإجتماعى كلما ازداد منسوب إغفال حاجيات غالبية فئات الشعب و عدم الاكتراث بإشراكها في تسيير شؤونها .. وإن من آكد  احتكار الحكم ومنع المشاركة السياسة و من أبشع صوره هو مؤتمر نادي الوزراء السابقين كنمط جديد لسيطرة فئة محدودة على المقدرات الأساسية ومقاليد الحكم بنفحة تزاوج المال والسلطة كما تجلى التدهور والركود مصيرا وقدرا محتوما..

أليس من الغريب أن تتداعى أجيال أنظمة سابقة على اختلاف  مشاربها و"أمم قد خلت عليها ولها  مااكتسبت" إلى قصعة أحفادها؟!هل من المعقول أن يظل شأن هذه البلاد ممسوكا من قبل "نادي قوم نوح وعاد!" ؟! اليس لنا في القرآن الكريم  أسوة حسنة!! ألم يبشر كل  رسول من رسل الله  برسول يأتي من بعده، في إشارة  لأهمية التجديد  و قيمة التداول ؟!

مر مؤتمر" نادي صنارة فرنسا "إذا تأملناه جيدا لوضعه في سياق الفساد بما يرمز إلى  ميلاد كتلة ضغط جديدة لتداول الوظائف  والأدوار لحماية ما اكتسبت عبر كل الحقب .

في فرنسا يشكل  مجلس الدولة  الفرنسي  هيئة قضائية مختصة بالقضاء الإداري ، وأصبحت عضوية الرؤساء السابقين فيها تلقائية.فماذا سيضيف المولود الغريب الذي لامثيل له  في دول العالم سوى أن يكون ساقية للجمود والرتابة أو منتجا هجينا لقطع غيار الدولاب الحكومي المتآكل ، أوسوقا للخردة البشرية الصدئة  كلماطلبت سلطة منها عنصرا ممجوجا لحراسة منشأة أو رئاسة مجلس إدارة ، أو تحريك مبادرة ظرفية لذر الرماد في عيون البسطاء تداعى لها هيكل النادي بالهرولة والتأييد!؟

منتهى العجب في تأسيس النادي هو أنه جراب يتسع لكل الحكومات السابقة مدنيها وعسكريها، مفسدها ومخلصها،

استثنائيها ودستوريها ، سياسيها وتكنوقراطها ،رجعيها وتقدميها!! وهم يحملون أوزارا مع أوزارهم!

ثالثة الأثافي حضور ثاني رجل في هرم الدولة  (الوزير الأول) لفعاليات تأسيس نادي صنارة فرنسا المخلبية!!

يقول الوزير الأول محمد بلال : سيكون هذا النادي إضافة نوعية للعمل السياسي الذي أصبحت الجمعيات  غير  الحكومية تفرض نفسها  عليه ( أي تهريف ).

يحدث هذا في وقت يشهد فيه التعليم  بكل مستوياته فوضى عارمة  وعجزا كليا عن فك طلاسمه. فيما الإحتجاحات الشعبيةضد غلاء الأسعار تعم البلاد، وأصوات المظلومين تتعالى شرقا وغربا  وشمالا وجنوبا   ووفيات حوادث السير والتنقيب تحصد من كل أسرة مثنى وثلاث ، وزحف الرمال  والعزلة يحاصران مدنا كثيرة،  والبطالة تطوق بجناحيها فئات واسعة من الشعب، وتزداد حدتها بوضع  العراقيل أمام التمدرس والتوظيف في آن معا.!!

وتستمر عجلة التعيينات  تدور في حلقة مفرغة:  تعيين الإبن وابن الإبن  والأخ الشقيق والأخ لأم والعم وابن العم  والعاصب والجدة والأم  والأخت الشقيقة .. وإن كان يورث كلالة أعدنا له الإعتبار.و يتم ابتعاث ألاة الأحمال   سفراء حتى يجعل الله لهن سبيلا.

ليتكشف للعيان يوما بعد آخر  أن الإستبداد  الإجتماعي والسياسي  أمر واقع لاجدال فيه، وان قطار الحياة الوظيفية لايتسع إلا لمن سبق وأن حجز له جده مقعدا، أما المتخلفون عن القطار فليموتوا بفقرهم .

هذا  النادي - السابقة  عبارة عن "استمارة فرنسية " جاهزة للتعبئة من طرف حكام موريتانيا الحاليين واللاحقين .

لقد آن الآوان أيها الوطنيون الشرفاء أن نعيد كتابة تاريخنا بأيدينا لا بأيدي فرنسا  ونحكم حباكته بعيدا عن خيوط وأسلاك فرنسا، وأن نفتح أعيننا على العالم من حولنا، ونكسر الأغلال التي تكبلنا..لنستعيد حريتنا في التفكير حتى يكون للتنمية الإقتصادية  معنى، فماهكذا يا (سعد)  تورد الإبل، و ما هكذا  ستحقق تعهداتك !

 

جمعة, 02/04/2021 - 09:10