من معوقات الوحدة الوطنية

تعتبر النخب ربان المجتمعات و قادة الرأي فيها،  فهي التي  يكون على عاتقها دور التوعية و التثقيف، و العمل على صهر مكونات المجتمع في بوتقة واحدة تجعلها أكثر التحاما و تماسكا ، إلا أن بعض النخب المؤثرة في بلادنا -للأسف- هي أول من يذكي النعرات و يحيي الجهالات و يعزف كل وتر حساس يحدث طنينا أو ضجيجا من حين لآخر . 

هذا ما يعمل عليه بعض النخب في مكون اجتماعي واحد  يشترك أفراده في اللغة و الدين .. فما بالكم بما تنتهجه معظم النخب من سلبي القول و الفعل بين مختلف مكونات مجتمعنا التي لا تزيد على أربع أو خمس قوميات .. علما ان الجميع يشترك في الدين الذي يعتبر عامل و حدة لا فرقة .

لقد كانت مجتمعاتنا الناطقة بالحسانية (العربية) من جهة و الأخرى الناطقة باللغات الإفريقية من جهة أخرى  تعيش منذ عقود بل قرون في انسجام و وئام، مع احترام تام للخصوصيات الثقافية و الهوياتية ، لكن الاستقلال رغم إيجابيته جعل النخب في هاتين المكونتين تتصارعان من أجل الحصول على ريع الدولة الوطنية الوليدة مما ساهم في شق الصف مبكرا ، ليزداد الشرخ عمقا و اتساعا بفعل اختلاق مشكل اللغة .

  اليوم و بعد ستين سنة من الاستقلال نلاحظ أن كل مؤشرات الفرقة للأسف ترتفع (العنصرية .. الشرائحية .. القبلية) و ذلك لفشل الدولة  في معالجة الأسباب القائمة على ماض قديم تأسس على طبقية انتجت تراتبية لايزال يعاني منها طيف واسع في كل مكونات مجتمعنا .

إن الدولة مسؤولة عن إصلاح ما بها من خلل، و عن  ترميم ما قد يعتري بنية جسمها من تصدع  .. لكن نخبنا التي توجه سياساتها  لاتزال تستبطنها جاهلية منتنة، تفوح رائحتها كلما كانت المساواة في الحقوق و الواجبات أو في الولوج إلى المناصب و المكاسب تصطدم بما تستأثر به من امتيازات متوارثة .

فالخلل إذا خللان:

خلل حديث النشأة بدأ مع ميلاد الدولة و هو يستفحل،  و يستوجب منا أن نستشعر الخطر و نتصالح مع أنفسنا،  فنكبح فينا سوءة الطمع و نحل محلها خصلة العمل .

و خلل متأصل مجتمعي موروث في اللاشعور ... يستوجب هو الآخر أن نستأصل تضخم أناه الزائف،
و نحل محله المواطنة و المواطنة فقط دون رتوش .

و نعلم أننا سواسية في الحقوق و الواجبات .. لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، و أننا محكومون بضرورة العيش المشترك -شئنا أم أبينا- على هذه المساحة الجغرافية بأسودنا و أسمرنا ... 

اثنين, 01/03/2021 - 23:07