جذور المشترك لا تزال حية

(ﺣﻴﻦ ﺳﻜﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ  ﺗﻮﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻖ ‏) .

لذلك قد يكون الصمت أشد خطرا من الخيانة والجبن و الارتزاق والتواطؤ، فعندما يتوهم البعض أن التقدم يتم بمرور الزمن ، و أن كل ما هو لاحق يتطور باستمرار على ما سبقه ، فذلك تفريغ للمحتوى الابداعي من كل تقدم أوطاقة أو رمق ، وهذا هو الذي تسعىى إليه، النخب المستلبة ، التي ترتهن للآخر  ، وتحتكر المنابر وتنشر الآراء المغشوشة ، لأنها صنعت من التعليم الأجنبي ، لذلك فهي تزدري بالموروث الثقافي لحضارتها ولغاتها الوطنية ، وتصم مجتمعها بالتخلف الأبدي ، مع أنها تدرك أن بعض الوطنيين  والكونيين تجاوزوا المحلية جراء فكرهم ونضالهم وأمانة انتمائهم الى الشعب .

غير أن مفردة الشعب هذه تعني غالبا توحد معظم مكوناتها حول مصالح وآمال وغايات وطموحات يحدوها النزوع للحرية والكرامة ، إلا أن تكييف الموروث الثقافي والأخلاقي لمختلف المكونات العرقية ، لايقتضي بالضرورة الاستلاب اللغوي والحضاري والخلود المطلق في الطرف السفلي لثقافة أجنبي محتل حاقد كما عبر عن تجليات ذلك نواب لغة المستعمر اليوم الذين وقفوا ضد النائب محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل الذي دافع بقوة عن اللغات الوطنية قبل عيد الاستقلال بأيام معدودة  وهو ما يستوجب من  السلطات إذا كانت جادة في مسألة السيادة أن تمنحه أرفع وسام بمناسبة عيد الاستقلال الحالي .

ومع ذلك إذا كنا قد استوعبنا لماذا استهدفت السياسة الاستعمارية بوضوح استئصال اللغة العربية من خلال عملية مزدوجة تتمثل في إقصائها بيداغوجيا والحط من شأنها ثقافيا، فإننا لم نفهم بعد لماذا حارب البعض  في موريتانيا اللغة العربية واعتبر أن تدريسها يشكل خطرا مع أنها لغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ومفتاح الأصلين العظيمين الكتاب والسنة ، كما أن العمل بهذه اللغة هو مجرد إقرار للمادة 6 من الدستور، التي تنص على أن اللغة الرسمية هي العربية ، واللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسوننكية والولفية .

وبما أن جميع مكونات شعبنا ظلت تربطها مشتركات قوية مثل الدين واللغة والتاريخ والحضارة والعلاقات الاجتماعية  فإن الحجج التي يسوقها المتغربون لا يمكن أن تكون مقبولة مطلقا ، لأن اللغة الفرنسية  لاتربطهم بها علاقة .

غيرأن المهتمين بهذا الشأن يعتقدون أن السبب الحقيقي وراء عزوف البعض عن  اللغة العربية يرجع بالأساس إلى الإقصائية التي تنتهجها بعض الحركات المتعصبة من الأقليات العرقية في بلادنا والتي لاتقبل للمكون العربي أن يتمتع بحقوق الاغلبية ، حتى ولو كانت حقوق الاقليات مضمونة بصيانة تراثها وتدريس لغاتها ، ويستشهدون على هذا بأن أغلبية الموظفين من  الأقليات المحترمة يقضون أعمارهم الدراسية والوظيفية إلى جانب إخوانهم العرب ممتنعين عن تعلم أبجدية اللغة العربية والكتابة بها ، في حين أن إخوانهم العرب القادمين من المحظرة يحاولون تعلم الفرنسية ويبذلون في سبيل ذلك جهدا كبيرا ، ويؤيد هذا أيضا أن العربية منتشرة بين الأفارقة في السنغال ومالي وغانا وغانبيا واتشاد  ، رغم أن فرص تعلمها في بلادنا أكثر وأوفر بكثير.

ومع ذلك فإن " كل مولود يولد على الفطرة .." ، فالطفل صفحة بيضاء ويستطيع أن يتعلم أي لغة بما في ذلك العربية التي سيحتاجها في صلاته على الأقل .إلا أنه من المهم أن نسجل هنا أن غياب الحس الوطني والقومي لدى صناع القرار في بلادنا هو بالأساس الذي مكن الفرنسية من الإعتراف بها كلغة للترقية الاجتماعية بدونها يصعب على المرء أن يشق طريقه في السلم الوظيفي حتى الان ،

مع ما يرافق ذلك من إجحاف غير مألوف عالميا في حق أغلبية من الشعب تبلغ نسبتها أكثر من 85%تطالب دوما بالترسيم الفعلي للغتها الوطنية في الإدارة والعمل والمدرسة بدلا من اللغة الاجنبية التي لا يربط الجميع بها سوى علاقة الغالب بالمغلوب .

 

 

ثلاثاء, 10/11/2020 - 09:22