خبير واستشاري دولي يشرح الوضع القانوني لمعبر الكًركًرات وتداعيات الأزمة الراهنة (مقابلة)

تعتبر منطقة الكًركًرات الشريان  الرئيسي للمغرب للتبادل التجاري والاقتصادي مع موريتانيا وبلدان افريقيا الغربية، وقد أعاد إغلاق المعبر من طرف جبهة البوليساريو التي تنازع المغرب على السيادة على إقليم الصحراء الغربية الفاصل بين موريتانيا والمغرب  الى الواجهة من جديد الصراع فى الصحراء الغربية الذي مضي عليه أكثر من أربعة عقود.

 

قضية الصحراء الغربية في جوهرها ليست مجرد نزاع واحد بين المغرب والبوليساريو، بل عدة نزاعات في نفس الوقت، وهي ربما حقيقة يستحي كثيرون من البوح بها. كما أنه لا بد من الاعتراف بأن أزمة الصحراء الغربية هي في الواقع أزمة صامتة لموريتانيا نفسها.

 

لكن لماذا تعمد البوليساريو بين الفينة والأخرى الى إغلاق معبر الكركارات؟ وما هو الوضع القانوني لمنطقة الكًركًرات؟ وماذا بوسع موريتانيا فعله  خصوصا أنها تعتمد على المعبر في التموين ببعض السلع الغذائية الأساسية؟

أثرنا هذه الأسئلة فى حوار مع الخبير والاستشاري الدولي محمد السالك ولد ابراهيم.

 

 

أقلام: لماذا تعود مسألة معبر الكًركًرات للواجهة بين الفنية  والأخرى؟

 

محمد السالك ولد إبراهيم: تختصر مسألة الكًركًرات اليوم قضية النزاع  في الصحراء الغربية، وهو موضوع سياسي وفني واستراتيجي بالغ التعقيد والحساسية. وأزمة الكًركًرات تعود باستمرار وهي حاليا تشكل عنوانا بارزا لهذا الصراع ، خاصة بالنظر للتطورات الميدانية بين أطراف النزاع خلال  السنوات الخمس الأخيرة..

 

بطبيعة الحال بالنسبة للتوقيت ليس صدفة، بل هو وثيق الصلة برزنامة السياسة والدبلوماسية الدولية وأجنداتها الظاهرة والخفية. فمن جهة تجتاح العالم -ما بعد أزمة كوفيد 19-  موضة إحياء النزاعات الإقليمية النائمة في مناطق عديدة من العالم، تبعا لحسابات جيوبوليتيكية ومصلحية لبعض القوى الدولية المتنافسة.. حيث نجد هزات ارتدادية للصراع الدولي في  سوريا، وفي ليبيا، والبحر الأبيض المتوسط، وفي ناغورنو كاراباخ.. هذا من ناحية عامة..

أما في السياق الإقليمي، فنرى بأن قناعة راسخة قد أصبحت لدى البوليساريو من أجل تبني استراتيجية تقضي بتعزيز حضورها  في "الأراضي المحررة"  خاصة، منذ انعقاد المؤتمر الثاني عشر للجبهة ببلدة التفاريتي، الذي أوصى بإعمار التجمعات الحضرية في هذا الجزء من الإقليم. ويعتبر بعض المحللين أن "هذا الرهان القاضي بتعزيز حضور جبهة البوليساريو داخل الإقليم وتكريس سيادتها،  سيرسخ رؤية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ككيان انتقالي بين دولة في المنفى وشبه دولة".

 

 ومن أجل تجسيد تلك الإستراتيجية على أرض الواقع، تسعى  البوليساريو لكسر حالة الجمود التي تطبع النزاع في الصحراء، ليس فقط من  خلال معركتها القانونية خلال السنوات الأخيرة حيث قدمت  عدة طعون قانونية أمام المؤسسات الأوروبية، مُنددة باستغلال المغرب لموارد الإقليم الطبيعية وبالمساس بوضعه القانوني في ظل غياب حكم ذاتي له .

 

في هذا السياق، ومن أجل كسر الجمود، يأتي التصعيد بإغلاق الكًركًرات كمناورة تكتيكية تستغل معطيات السياسة العالمية وديناميكية التحالفات القارية والدولية، خاصة بعد صدور تقرير الأمين العام حول الوضع في الصحراء الغربية في 23 سبتمبر الماضي، وبعد التغيير الحاصل في الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، والتي تولتها روسيا الاتحادية منذ شهر أكتوبر الماضي. ويبدو بأن تلك الرئاسة قد  برمجت ثلاث جلسات ضمن جدول أعمال المجلس لمناقشة قضية الصحراء الغربية. وقد أفضت حتى الآن إلى  تجديد التمديد لبعثة المينورسو والمطالبة بتعيين مبعوث خاص جديد للأمين العام للأمم المتحدة مكلف بملف الصحراء خلفا للمبعوث السابق الألماني هورست كوهلر. وفي نفس الإطار، تحظى دولة جنوب افريقيا حاليا بمقعد في مجلس الامن، وهي حليف رئيس للجمهورية الصحراوية، وستكون لها الرئاسة الدورية للمجلس خلال شهر ديسمبر القادم. لذلك فإنه من المرجح ان تضغط من اجل مواصلة المفاوضات الرامية الى حل النزاع..

 

لكن علينا ان لا ننسى أيضا بأن إغلاق بوابة المغرب الكبرى نحو القارة الإفريقية، قد جاء بالتزامن مع فتح دول إفريقية جديدة قنصليات لها في مدينة الداخلة، وهي ثاني أكبر مدن الصحراء الغربية. وقد أثار ذلك الأمر حفيظة جبهة البوليساريو التي ترى أحقيتها في الصحراء انطلاقا من مقولة استكمال تصفية الإستعمار.

 

 

 أقلام:  متى فتح هذا المعبر؟ وهل كان باتفاق؟ ومن هي الأطراف والشروط لفتح المعبر؟

 

محمد السالك ولد إبراهيم:  أولا، يجب توضيح خلاف كبير في المصطلحات المتداولة في الإعلام.. من ناحية القانون الدولي، الكًركًرات ليست معبرا، بل هي منطقة حدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية وليس بين موريتانيا والمغرب رغم الوضع القائم على الأرض. وتشكل منطقة الكًركًرات المدخل الجنوبي الغربي لمنطقة عازلة (شريط عازل) (Buffer strip) بعرض 5 كيلومترات على طول جدار الدفاع المغربي، وهي التي تفصل بين الجزء الغربي من الصحراء الذي يسيطر عليه فعليا المغرب ويتولى إدارته، وبين الجزء الشرقي من الصحراء الغربية الذي تسيطر عليه البوليساريو، كما يتضح ذلك من الخرائط المرفقة.

 

وهذا التقسيم هو فحوى الاتفاق العسكري رقم 1  الموقع في 24 ديسمبر 1997 من طرف إبراهيم غالي عن جبهة البوليساريو وبيرند س. لوبنيك ، اللواء والقائد العام لبعثة المينورسو، أنظر في الملحق صورة من الاتفاق العسكري رقم 1  المنبثق عن خطة السلام الأممية لتسوية قضية الصحراء الغربية من طرف مجلس الأمن الدولي في 29 أبريل 1991. وتنص تلك الخطة التي بلورها الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، خافيير بيريز دي كويلار، على: (1) وقف إطلاق النار، و (2) تبادل أسرى الحرب ، و(3) تقليص الوجود العسكري المغربي ، و(4) الإفراج عن المعتقلين السياسيين ، و(5) إعادة اللاجئين الصحراويين إلى الوطن، وأخيراً (6) إعداد القوائم الانتخابية وتنظيم استفتاء تقرير المصير تحت سلطة الأمم المتحدة. وقد دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ آنذاك في 6 سبتمبر 1991.

 

وقد تم إبرام هذا الاتفاق العسكري رقم 1 بصفة مزدوجة: بين المينورسو وجبهة البوليساريو في 24 ديسمبر 1997 من ناحية، وبين المينورسو والمغرب في 22 يناير 1998 من ناحية أخرى. وهو يقسم طوليا الأراضي المتنازع عليها في الصحراء الغربية إلى خمسة الأجزاء: منطقة عازلة فاصلة بين البوليساريو والقوات المغربية المتمركزة خلف الجدار الرملي. وهي بعرض 5 كلم على طول الصحراء، تحف بها من الجهتين، منطقتان الحركة فيهما جد مقيدة، واحدة بعرض 30 كم على طول الصحراء في الجانب الذي يسيطر عليه المغرب، والأخرى بعرض 25 كم على طول الصحراء في الجانب الشرقي الذي يخضع لسلطة البوليساريو. أما المنطقتان ذات القيود المحدودة فهي تأتي بعد المنطقتين السابقين، وتحدهما من جهتي الغرب والشرق، وهما تمثلان منطقتين شاسعتين لما تبقى من الصحراء الغربية، كما يظهر ذلك في الخريطة الجغرافية لبعثة المينرسو الملحقة.

 

وينص الاتفاق العسكري رقم 1 على أن لكل جزء من الأجزاء الخمسة من الأراضي قيودا محددة على الأنشطة العسكرية لكلا الطرفين: فمثلا، المنطقة العازلة التي مدخلها الكًركًرات: لا يُسمح فيها بدخول أفراد ومعدات القوات المسلحة المغربية ولا لجبهة البوليساريو برا أو جوًا. ويحظر فيها إطلاق النار أو فوقها في جميع الأوقات، وكل إخلال بذلك فيها، يعتبر انتهاكًا لوقف إطلاق النار.

 

من هنا، يفهم الفارق في التسميات: فالكًركًرات بالنسبة للبوليساريو هي "ثغرة غير مشروعة.. وهي انتهاك مستمر للاتفاق العسكري رقم 1 وهي لا تدخل في إطار خطة السلام الأممية الأصلية المتفق عليها".

 

أما بالنسبة للمغرب الذي جعل من الكًركًرات معبرا بحكم الأمر الواقع، فقد استغل تأويلا قانونيا للاتفاق العسكري رقم 1، حيث يعتبر أنه ينص حصريا على القيود المفروضة على النشاط العسكري، وأن الأنشطة المدنية - بما فيها التجارية- غير منصوص على تقييدها في المنطقة، إضافة إلى الإستناد أيضا إلى مبررات إنسانية مقبولة دوليا، من حيث استخدام المعبر من أجل تسهيل حركة السكان الصحراويين في إطار الزيارات العائلية ولمِّ شمل الأسري بينهم في مختلف البلدان المجاورة للصحراء الغربية. وبناء عليه، فقد حول المغرب تلك المنطقة إلى معبر تجاري ذي أهمية اقتصادية حاسمة، حيث كانت تمر منه يوميا عشرات الشاحنات التي تنقل البضائع المغربية إلى موريتانيا، ومن ثم إلى بلدان أخرى في غرب إفريقيا.

 

وهكذا أصبحت  الكًركًرات - سواء كانت معبرا أم ثغرة-  ورقة مهمة في معركة السيطرة على الصحراء والحصول على شرعية دولية. فهذا الممر الحدودي بين الصحراء الغربية وموريتانيا، و الذي يعتبر منطقة عازلة بموجب الاتفاق العسكري رقم 1،  جعل منه المغرب منذ بضع سنوات واحد امن أكبر الممرات غير القانونية في العالم. وقد ظلت المنطقة مصدر توتر مستمر بين الطرفين. وكثيرا ما جرى إغلاقها من حين لآخر خاصة في سنتي 2016 و 2018 من قبل متظاهرين صحراويين، احتجاجا على عبور شاحنات وآليات، يعتقدون أنها تساهم في نهب الثروات الطبيعية للإقليم المتنازع عليه .

 

 

 أقلام: ما هي الوضعية القانونية للمعبر  اليوم؟

 

محمد السالك ولد إبراهيم: الوضعية القانونية للكًركًرات مربكة رغم وضوحها، خاصة بالنسبة لموريتانيا التي اعترفت رسميا بمعبر الكًركًرات، حيث تمت تسميته من خلال المقرر الوزاري رقم 0394 الصادر بتاريخ 3 فبراير 2010 بالكيلومتر 55 وتم تزويده بمكاتب وفرق عمل رسمية تابعة للإدارة الموريتانية بمختلف سلطاتها الأمنية والعسكرية.

وقد حدث ذلك رغم الموقف الرسمي لموريتانيا الذي يقوم على الحياد في نزاع الصحراء الغربية، علما بأنها تعترف رسميا بالجمهورية العربية الصحراوية.  لكن يبدو أن موريتانيا قد تعاملت مع هذا الموضوع بشكل تعوزه المهنية، ربما وبالاعتماد على ترتيبات ودية أو تفاهمات غير رسمية وغير موثقة.  وبطبيعة الحال، سيكون من الصعب عليها تبرير فتح نقطة مسجلة رسميا لدى القطاعات الحكومية الرسمية على أنها معبر الكلم 55، بينما هي بوابة مفتوحة ضمن فراغ قانوني من وجهة نظر القانون الدولي.

 

ولعل هذا النمط من التعامل  بخفة قد يتغلب فيه التعامل غير المصنف على البعد القانوني. فالمفروض أن لا يتم شق معبر في أراض متنازع عليها إلا بعد الاحتكام إلى القانون الدولي، و الاتفاق مع أطراف النزاع على تصحيح هذه الوضعية وفق المعايير المتبعة لتسيير المعابر و المسارات الآمنة التي تعبر مناطق النزاع.

 

ولا شك بأن هشاشة هذا الوضع يدفع الكثير من الموريتانيين اليوم ثمنها سواء من خلال تهديد الأمن الغذائي القومي للبلاد أو التخبط في أزمات تموين السوق الموريتانية بالخضراوات والفواكه، بعد أن اعتمدت طيلة فترة طويلة من الزمن على هذا المعبر التقليدي غير المصنفartisanal  الذي تعوَّد الكثير من المغامرين الموريتانيين وغيرهم قبل سنوات، على استخدامه في أنشطة التهريب منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي.

 

ولا شك بأن هذا الموضوع قد أصبح يشكل اليوم حديث الساعة، ويثير جدلا لا ينقطع بين النخب وفي وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي.. وهو بلا شك جدل وثيق الصلة بدوامة الاستقطاب التقليدي داخل الرأي العام الموريتاني بين مؤيد لموقف كل من المغرب و البوليساريو في نزاع الصحراء الغربية، أكثر من أي اعتبارات أخرى محلية رغم ما لها من أهمية.

 

ولعل من المستغرب استمرار صمت الحكومة الموريتانية حيال هذا الموضوع رغم الخسائر الفادحة لمواطنيها و اضطراب أسواقها، وعدم قيامها بتحميل المسؤولية لأي طرف حتى الآن على الأقل، رغم ما يتكبده المصدرون و الموردون الموريتانيون وشركاؤهم من خسائر مالية هائلة جراء الوضع القائم اليوم في الكًركًرات.

 

 

أقلام:  ماذا بوسع موريتانيا عمله  في الأزمة الحالية؟ وفي تسوية القضية  الصحراوية بشكل عام؟

 

محمد السالك ولد إبراهيم: يمكن لموريتانيا أن تقوم بالكثير من  الجهود التوفيقية لحلحلة النزاع في المنطقة، خاصة وأن استمرار مسلسل التوتر في ما يشبه أجواء حرب متوقعة في هذه المنطقة العازلة، قد تؤدي إلى دفن أي إمكانية لحل النزاع إذا ما اندلعت مواجهة عسكرية لا قدر الله. لذا، فلا بد من الاعتراف بأن أزمة الصحراء الغربية هي في الواقع أزمة صامتة لموريتانيا نفسها.

 

قبل أن يستقيل من منصبه كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، في سنة 2019 طرح السيد هورست كوهلر، مقترحا لحل النزاع لا يشبه مقترحي الطرفين المتصارعين، لا الحكم الذاتي الذي يلوح به المغرب ولا تقرير المصير الذي تطالب به البوليساريو، رغم أنه استأنس بما توصل إليه المبعوث السابق جيمس بيكر من حصول تطور في التفاهمات الجزائرية ـ المغربية نحو إمكانية القبول بتقسيم الصحراء، من خلال العودة إلى اتفاق مدريد.

 

وكان كوهلر يقدم دائما ذلك المقترح بأنه يتضمن عناصر من أجل "حل دائم"، يكون على شكل حكم كونفيدرالي على طريقة "الكومنويلث" بالنسبة لدول التاج البريطاني، أو كما هو الوضع في علاقة دولة بورتوريكو بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد نجح فعلا - أثناء عمله- في  إعادة إطلاق المفاوضات التي بقيت متعثرة بين الأطراف المعنية منذ عشر سنوات، وذلك في جنيف في الخامس من دجمبر 2018.

 

لكن في الحقيقة، لقد تبنى المبعوث الألماني آنذاك مقولة "الحل الدائم" في الصحراء الغربية من ورقة تفكيرية أعدتها الرواندية لويز موشيكيوابو، العضو في المجلس الاستشاري للمؤسسة الألمانية "مؤتمر ميونيخ للأمن".

 

وتقوم ورقة "الحل الدائم" على فكرة قيام كونفدرالية بين موريتانيا والدولة الصحراوية المعترف بها إفريقيا، على أن يكون تسليح جيش "الدولة" الصحراوية، التي ستتحد كونفدراليا مع موريتانيا، ضمن سقف تحدده انواكشوط، ليطمئن المغرب على عدم استثمار أي رقعة في جنوب الصحراء ضد قواته المسلحة في الإقليم الشمالي، وأيضا، لتأمين انواكشوط وعدم تكرار حادثة الهجوم عليها من طرف البوليساريو كما حدث سنة 1976.

 

من جهة أخرى، يقوم الحل الدائم على التزام الأطراف بكل الاتفاقيات الموقعة سابقا دون تعديل، وأن تعمل البوليساريو على  احترام التزاماتها التي أثبتتها منذ 1991 مع الأمم المتحدة، والتي يتوجب عليها مواصلتها مع المنتظم الأممي في حالة تنفيذ أي حل قد يتفق عليه.

 

وفي هذا الصدد:

 

- تلتزم البوليساريو بإنفاذ كل ملاحق "اتفاق مدريد"، طبعا بعد أن تعترف به أولا؛

- أن يكون الاتفاق الثنائي بين المغرب والبوليساريو، نهائيا لحل المشكل القائم؛

-  يعترف الاتحاد الإفريقي بـ "اتفاق مدريد" ويدعم خارطته للحل، رغم أن الاتحاد الإفريقي والبوليساريو، لم يعترفا في أي مرحلة من المراحل، بهذا الاتفاق، ولا يعتبران أنه وثيقة لـ "تصفية الاستعمار"؛

-  توقيع الاتفاق بين دولة البوليساريو وموريتانيا، على أساس أنه وثيقة ثنائية، وليس معاهدة لتصفية استعمار، لكي لا يشكل سابقة أو يؤثر على الوضع في شمال الصحراء الذي يفترض بأنه "قد جرى تسليم إدارته للمغرب"؛

-  يكون انطلاق مفاوضات الاتفاق الحدودي بين عضوي الاتحاد الإفريقي (البوليساريو والمغرب) بالضمانات المطلوبة من الاتحاد الإفريقي.

 

وهنا، تبرز خصوصية القراءة الرواندية لقضية الصحراء، حيث أنها لا تعتبرها مجرد نزاع واحد فقط، بل عدة نزاعات في نفس الوقت، وهي ربما حقيقة يستحي كثيرون من البوح بها.

 

أعتقد جازما بأن رجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وحضور جبهة البوليساريو إلى جانبه في قمة الاتحادين الإفريقي والأوروبي في أبيدجان وغيرها من المحافل الدولية، قد شكل بداية مرحلة جديدة في تطور النزاع في الصحراء الغربية، وهي ربما تكون حبلى بإمكانية الحلول المقبولة من جميع الأطراف ضمن مقولة الحل الدائم المؤسس على مقولة "رابح ـ رابح". لكن هذا المعطى الهام والإستراتيجي لم يستثمر كثيرا حتى الآن، ولم ينل حقه من الدراسة والتمحيص.

وفي سياق كهذا، ربما تعود موريتانيا بقوة إلى مربع التأثير الإيجابي في المنطقة، إذا ما هي أحسنت التصرف واستثمرت كامل الأوراق لصالحها كدولة أولا، ثم لصالح حل دائم في الصحراء الغربية يقوم على مقاربة مغاربية مشتركة للأمن والاستثمار والتطوير والتنمية المستدامة، تطلق العنان لبناء مغرب كبير مُتصالح مع ذاته ومزدهر.

قد يربح الصحراويون بإقامة دولتهم على جزء من تراب إقليمهم التاريخي، ويربح المغرب سيادته على شمال الصحراء، تبعا للحدود التي سبق أن وقع عليها الملك الحسن الثاني في "اتفاق مدريد"، وتربح موريتانيا من خلال تعظيم مزاياها التنافسية واستغلال ثرواتها المختلفة، ومن خلال استتباب السلم والأمان..

 فيربح الجميع.

 

أجرى الحوار: رياض ولد احمد الهادي

ثلاثاء, 03/11/2020 - 15:34