ورحل آخر أوفياء الأمة

قبل كل شيء، للحديث عن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ـ رحمه الله ـ لا بد من التذكير والاشادة والامتنان للمكانة التي أكنها الراحل لموريتانيا وشعبها، والتي عبر عنها في مواقف لا تنسى؛ مثل تجشمه عناء السفر إلى انواكشوط لحضور القمة العربية، التي نكص عنها جميع القادة العرب المعنيين.

ثم إن التعاون الكويتي الموريتاني ظل ـ في ظل الراحل؛ وزيرا وأميرا، على مدى أكثر من 60 سنة ـ وثيقا، والمساعدات الكويتية السخية في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعلامية، من أوثق وأقوى العون للدولة الموريتانية الناشئة.

وحتى بعد الموقف الانتهازي اللئيم للحكومة الموريتانية إبان العدوان والاحتلال العراقي للكويت، استمرت الدولة الكويتية بقيادة الشيخ الصباح في التعاون ومد يد العون والمودة للشعب الموريتاني ودولته (وبذل رحمه الله جهدا مشكورا لحل مشكلة الدين الكويتي على موريتانيا، ولكن البرلمان الكويتي عارض بشدة شطب ذلك الدين، على خلفية الموقف الموريتاني غير المسؤول من احتلال الكويت ومحاولة شطبها من الوجود!).

 

**

على الصعيد العربي انفرد الشيخ الصباح بالتمسك الصارم بالقضايا العربية العادلة وخاصة قضية فلسطين؛ حيث لم يمنعه الدور الحاسم للأمريكيين في تحرير الكويت، من رفض أي تعاون مع ربيبة أمريكا المدللة "إسرائيل"، وتمسك إلى آخر لحظة من حياته بمقولته الشهيرة الصادقة: "إن الكويت ستكون آخر دولة مطبعة".

وبالإضافة إلى ذلك تنفرد سياسة الكويت بالحرص البالغ على التعاون العربي ورأب الصدع في العلاقات العربية والحياد والابتعاد عن الحروب والصراعات الاقليمية والدولية... وهو ما مكنها من لعب أدوار مشهودة، قادها الراحل بنفسه، للوساطة وإصلاح ذات البين بين دول عربية شقيقة، وخاصة على مستوى دول الخليج العربية؛ التي انغمس معظمها في نزاعات بينية وحروب اقليمية، ظلت الكويت بمنأى عنها.

 

**

على المستوى الداخلي تميزت الكويت،  منذ استقلالها، تحت قيادة عائلة آل الصباح العريقة، عن سائر جيرانها بحياة سياسية واجتماعية تقوم على قدر كبير من الانفتاح والديمقراطية، وحرية وازدهار وسائل الإعلام والثقافة؛ بل كانت مركز العلم والمعرفة الذي تغذت منه الدول الخليجية المجاورة.

 

***

رحم الله صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وجزاه خيرا عن موريتانيا وشعبها اللذين أحبهما واحترمهما، وعن أمته العربية والاسلامية التي حمل همومها وآمالها حتى آخر لحظات حياته المديدة.

أربعاء, 30/09/2020 - 12:30