من كان متعاطفا فهؤلاء أولى..

لعل واحدة من أخطر تجليات "الأزمة الأخلاقية" التي يعانيها مجتمعنااليوم، أننا بتنا نرى بوصلة الناس،تتيه عند تعاملهم مع قضايابدهية،فيظهرون تعاطفهم مثلا مع القوي الذي يفترس الضعيف،والغنىضد الفقير، والظالم ضد المظلوم.

ومن أمثلة ضياع " البوصلة الأخلاقية" هذا في مجتمعنا اليوم،هوتعاطف بعض النخب الحاصل الآن مع الرئيس السابق ،وحاشيتهالفاسدة،بدل أن يتجه تعاطف هؤلاء إلى اتجاهه الصحيح،وهو الشعبالذي ظلم أي ما ظلم،ونهبت ثروات في ظل هذا النظام. 

إن من كان متضامنا عليه أن يتضامن مع المسكين الضعيف،الذي لايجدقوته ولاقوت عياله،أو ليتعاطف كذلك مع الأرملة،واليتيم، الذين فقداالمعيل،ولم تلتفت عليهم "دولة عزيز" حينما كانت توزع الغنائم، بينوزرائها،ورجال أعمالها، المتخمة بطونهم بأموال الشعب.

ثم إنه من واجب هؤلاء الذين يمتلكون فائضا من الرحمةوالإنسانية،ومشاعرهما النبيلة، أن لا يحرمو الشاب الذي أكملدراسته،وجلس يرمق شهاداته ليل نهار،وقد حرمه نظام عزيز من أنيحصل على عمل، ليؤسس منه حياة جديدة،كريمة أوينشئ بيتا،أويتزوج،وينجب أولادا،فكان فساد عزيز،وزمرته لأحلام هذاالشاب،وطموحاته بالمرصاد بتحويل ميزانيات الدولة،وعوائد الثروات إلىجيوبهم الخاصة،بدل إنفاقها علي مشاريع،تستقطب الآلاف من الشبابالعاطل عن العمل.

فلماذا نحرم هؤلاء الشباب من نصيبهم من "تعاطفنا" الإنساني النبيلمع المظلوم؟!.. 

لماذا أيضا لا نتعاطف مع رب الأسرة المعيل مثل: سائق التاكسي،وصاحبالمتجر الصغير،وألحانوت،وصاحب "شاريت" وصاحب "الطابلة"  الذينلا راتب يتقاضونه من الدوله،ولا ينالوم أي ضمان اجتماعي،أو إعانة منأي نوع كان،ولكنهم مع ذلك ظلوا محاربين من"دولة عزيز"، تثقل كواهلهمبالضرائب،والأتاوات، التي لاقبل لهم بتحملها،في حين  أن عوائد تلكالمكوس تذهب غالبا إلى جيوب الطغمة الحاكمة، الفاسدة بقيادة كبيرهمالرئيس السابق عزيز.

ثم ماذا عن التعاطف مع الرجل الكبير،أوالمرأة،أوالطفل البريئ، الذينيرقدون في المستشفيات، ولايجدون ما يدفعون منه قيمة العلاج،فيموتونعلى أسرة المستشفيات،ثم يدفنون في صمت.!!!

أين التعاطف أيها "الإنسانيون" -وليعذرني اللغويون على الاشتقاق-  مع ضحايا حوادث الطرق (وهي بالآلاف) بسبب أن الطريق لم تمهد، ولميتم إعدادها في الأصل، ووفق المعايير السليمة المتعارف عليها دوليا.

أين تعاطفكم مع الفتاة البريئة، التي ذهبت زهرة شبابها،وهي تنتظراليوم الذي تزف فيه إلى بيت بن عمها الشاب الباحث عن العمل، ولكن ذلكالحلم الجميل مات بداخلها،ولم يتحقق بسبب أن الشاب حرمه فساد عزيزمن الوظيفه.!!

 

وفروا عليكم تعاطفكم الزائد ياسادة معاشر "الإنسانيين"؛وإذا لم يكن بدمن بعض فيض هذه الإنسانية، فهؤلاء(..) أولى بالتعاطف مع عزيزوباقي زمرة الفساد، التي أهلكت الحرث والنسل.

 

الكاتب/ الحسين ولد النقره

houcien@gmail.com

ثلاثاء, 18/08/2020 - 18:13