مع معبد البابري الهندوسي وضد مسجد آيا صوفيا!

في سنة 1992م قام فئام من الهندوس الهنود المتعصبين باقتحام مسجد بابري التاريخي الكبير في مدينة "أيوديا" في الهند وأعملوا فيه المعاول والجرافات، حتى تركوه ركاما، تحت سمع وبصر السلطات الهندية؛ رغم أن المتعصبين الهندوس كانوا يهددون بهذه الفعلة العدوانية.

وفي السنة الماضية أصدرت المحكمة الهندية العليا قرارا يسمح للهندوس بتحويل أنقاض المسجد ومكانه إلى معبد هندوسي ضخم!

البابري المهدم كان من أكبر المساجد، وكان أيضا تحفة هندسية تاريخيىة، شيد في سنة 1528م.

حين اعتدى عليه الهندوس وبدأوا هدمه على رؤوس المصلين المسلمين الهنود، لم تقم قيامة العرب والمسلمين، لأن الهند "دولة مستقلة ذات سيادة"، وحين قررت الهند تحويل أنقاض المسجد إلى معبد هندوسي، لم يستنكر العرب ولا المسلمون ذلك، لأن الهند دولة صديقة مستقلة ذات سيادة والهندوسية دينها والمسجد على أرضها!

**

في سنة 1453م بعدما فتح المسلمون القسطنطينية ودخل معظم سكانها في الإسلام أمر القائد محمد الفاتح بتحويل كاتدرائية المدينة (التي كانت مرت باحتلالات وتحويلات في حروب الطوائف المسيحية بينها، حيث حولها الصليبيون من كنيسة أرتوذكسية إلى كاتدرائية كاتوليكية 1204م، ثم أعيدت أرثوذكسية 1261م) إلى مسجد ضخم متميز، ظل معمورا حتى أمر أتاتورك بإغلاقه سنة 1931، ثم بتحويله إلى متحف سياحي سنة 1935م.

واليوم حكمت المحكمة التركية بإعادة اعتباره مسجدا والسماح بإقامة الصلوات فيه للمسلمين، وأصدر الرئيس التركي قرارا بالتنفيذ، مع بقاء المبنى معلما سياحيا مفتوحا.

قامت قيامة الأمم الغربية والشرقية المسيحية التي كنا نظنها من التسامح الديني بمكان، ثم طفق الاعلام العربي وخاصة في مصر والخليج يدعو بالويل والثبور، ويصف عمل تركيا هذا بالتعصب والعدوان والتخلف والهوان... وتهديد السلم العالمي!!

 

**

الأوروبيون خاصة غاضبون لحلمهم العميق بإعادة بناء الكاتدرائية؛ أرتوذكسية أو كاتولوكية، يوما، ورفضهم على كل حال لفكرة المسجد، رغم أن المبنى ظل مسجدا كاملا لا ينقصه إلا رفع الأذان وتقديم الإمام!

ويبدو أن الأروبيين بالذات يشعرون بأنهم قد ارتكبوا خطأ فاحشا بإغلاق أبواب اتحادهم أمام تركيا، رغم سعيها لسنوات الى عضوية الاتحاد الأوروبي، مع أنها نصف أوروبية وعضو في حلف الأطلسي وشديدة الرغبة في الانضمام الى المحفل الأوروبي، الذي فتح أبوابه لأوروبا الشيوعية كلها.

والآن يشعر الأوروبيون أنهم لم يخسروا تركيا فقط بإبقائها تتسول على أبوابهم، وإنما يوشك أن تتحول إلى دولة معادية لهم، بنظامها السياسي وشعبها أيضا.

أما العرب فمنهمكون في إشباع عواطفهم، بحرب مضحكة على الرئيس التركي طيب رجب أردغان باعتباره ديكتاتورا (اسمعوا!) وتوسعيا ويسعى إلى السيطرة على بلادهم (التي لا مطمع فيها لأجنبي!) وإقامة الخلافة العثمانية (التي حاربوها تحت راية مستعمريهم ليكافأوا بسرطان "إسرائيل"!).

السؤال الآن ما ذا سيفعل الصليبيون الجدد، بل ما ذا سيفعل العرب أعداء أرغان، لإعادة كنيسة أيا صوفيا التي اختفت قبل 600 سنة، وقد دوى صوت المؤذن بالشهادتين من المآذن السامقة في اركان جامع آيا صوفيا الأربعة... غير المكاء والتصدية...؟!

م. محفوظ ولد أحمد

سبت, 11/07/2020 - 21:34