تعليق على مقال "هزيمة 67: أم النكبات والهزائم"

كان هذا  العنوان الذي اختاره الاخ / الهادي محمد المختار النحوي/.."هزيمة حزيران: ام النكبات والهزائم"،، في موقع "اقلام " الموريتاني.
ولعل العنوان لم بلفت   انتباه القارئ لأن الباحث  غاب عن ذهنه الدور الوظيفي للعنوان، اي عنوان لاجتذاب انتباه  القارئ،،وللأسف فان معاهد الصحافة التي لم يتخرج منها الكثير منا، تركز في تكوين طلابها على  أسس علم النفس، ومنه الاعلامي، والدعائي، التجاري،،  وهذه كلها لم تكن من المجالات التي تاثر بها البعض من كتابنا المحترمين لذلك تاتي مقالاتهم باهتة  كمقالي الاخ الكريم  عن "نكسة 67"..
اما الملفت لنظر الدارسين، فهو التناقض الذي وقع فيه واضع العنوان حيث اعتبر الحرب  "هزيمة، وفسرها   بال " نكبة"، وان ما بعدها من حروب كان هزائم..وهذه دلالة العلاقة الرابطة  بين المفهومين بحرف العطف   "النكبات و الهزائم"،، اما " أم" فهو اسقاط عضوي على معنوي، وهذا دليل على  ضعف القياس التمثيلي..وقد نبه المناطقة  على ذلك منذ "ارسطو"..
.....

لقد كان دور المؤرخ في احترام  قواعد كتابة التاريخ، هو  التسجيل للحدث فقط ، وتجنيبه التقييم، واسقاط الاحكام الذاتية، وذلك لقناعة علمية لاستبعاد  التأثر النفسي بالحدث التاريخي  الذي يحول دون الكتابة المحايدة، ولعل اثر ذلك لايجادل فيه من درس التاريخ، بمعرفة  معظم المثقفين،  نطرا لألمعية  المؤرخين الذين كتب لهم  النجاح، ولمؤلفاتهم الشهرة بالنظر الى غيرها  ..
وقياسا على ذلك النجاح ونشدانه في كتابة الاخ النحوي، فالاولى به ان يقتدي بمؤرخين عظماء من امثال " البكري" الاندلسي، وابن خلدون، وغيرهم ممن ابدعوا في كتاباتهم التاريخية..ومعنى ذلك اننا نطالبه بالكتابة عن ظاهرة تاريخية في  فترما، واذا كانت الهزائم العسكرية هي موضوعه المفضل، فنقترح عليه واحدا من  الموضوعين التاليين:
سقوط الاندلس وانعكاسه على التحديات التي واجهت الامة في اقطار المغرب العربي..
اما الموضوع الثاني فهو: الاحتلال  البرتغالي لبلادنا في القرن(9) للهجرة، وتدمير  عوامل النهضة التي اسس لها المرابطون في امارتهم الاولى..
فتلك  الفترة التاريخية، تعد مسافة كافية بين الباحث وموضوع دراسته،  عسى ان يستفيد من ذلك تحريا للموضوعية التي تشكل مطلبا لاصحاب " الموقع" الناشر،  واحترام القراء، وفوق ذلك احترام الكاتب لنفسه، وللمحافطة على رصيد احترام الآخرين له...
اما  الدعاية، ومحاولة  توجيه القراء بالتقاط العناوين، ومحاولته استراج معلومات من هوامش  الكتابات،،فهل هي تحليل لمعلومات مفيدة، او  برهان ما  على مصداقية الحكم في العنوان الاحادي  لمقالي الاخ النحوي.. لان الحكم القطعي كان قبل المقدمات، ولم يستخلص في النتائج، او أن هذا المنهج المنطقي كان خارج تفكير  الاخ الكريم..؟
...
فما هو الجديد في المقالين؟
لقد اعترف عبد الناصر رحمه الله بالهزيمة، وتحمل مسئولياتها، واستقال، وقامت المظاهرات يومي "9، 10" من يونيو في كل الوطن العربي، وذلك من اجل ان يتراجع عبد الناصر عن الاستقالة، وتحملت الامة هزيمة عسكرية، بدلا من هزيمة نفسية،  او فكرية ــ كما عبر عنها الكاتب فيما كتب في المقالين ــ كانت تلك المظاهرات بمثابة استفتاء عربي  من المحيط الى الخليج...
 وعلينا ان نساله عمن قال انها ليست هزيمة عسكرية ـ مهما اختلفنا في التوصيفات ـ ؟
 ولكن هل فيه امة في التاريخ او في الحاضر،  حاربت ولم تنهزم، خاصة الامة العربية التي كان معظمها تحت الاحتلال، وبعضها  مستقل  استقلالا ذاتيا، واقصد بذلك اقطار المغرب العربي، باستثناء الجزائر ؟ 
وهل كانت الهزائم العسكرية قدرا لايواجه ولو بعد حين؟
وهل الذين يتمسكون بنتائج الهزيمة العسكرية سنة67، ويتناسون الانتصار في حرب 56 في مصر..ارادوا من الامة عدم مواجهة الصهاينة خوفا من الهزائم العسكرية، ولذلك كان البعض يعتبرهم من  دعاة الاتجاه الامبطاحي منذ 40 سنة؟
والقارئ سيسال الكاتب لماذا لم يتحدث الكاتب ولو بالاشارة عن العلاقة بين تلك الهزيمة العسكرية ، وحرب الاستنزاف التي بدات بعد النكسة مباشرة، وخلال سنتين كانت تداعياتها  العسكرية مدوية  بشهادة قادة العدو  العسكريين والسياسيين معا،،
 ولماذا لم  يتحدث الكاتب  عن العلاقة بين حربي 67، 73؟
وبما ان الاخ الكاتب المحترم،  اتضح من خلال مقاليه عدم اهتمامه بالمنهج وقيمته التحليلية، والرؤية ودورها في تحديد المبادئ كمنطلقات، والمعلومات في مصادر المؤرخين،، وخلو المقالين  من التوصيات...
فلنا ان اساله عما هي  القوة الحية صاحبة المشروع التحرري  في الوطن العربي يومئذ ــ وحتى اليوم ــ التي كان عندها ـ او لازال ــ بديلا مقبولا للانتصار المطلوب للامة..ولماذا لم يقدمه  للراي العام العربي، والاسلامي، والتحرري...؟
فاليوم يظهر الكاتب  بمقاليه معترضا على مجريات  الاحداث، وكانها بيده، او عاش لحظتها، او استطاع حتى ان يشير الى بديل يمكن ان تزال به آثار الهزيمة في سنة 67 !!
ولذلك لنا ان نتساءل   بعد ان حق عليه  القول  لا تهكما  "صح النوم".. ألم يفتك القطار؟

 

الاستاذ/ اشيب ولد اباتي

جمعة, 10/07/2020 - 18:43