الاستاذ ابراهيم ولد أبتي: يلاحظ تحسن فى اداء السلطة من حيث احترام حرية الآخرين من سياسيين ومجتمع مدني

يستعد المحامون الموريتانيون للتوجه الى صندوق الاقتراع يوم 23  يوليو الجاري لاختيار  نقيب جديد لهم على رأس الهيئة الوطنية للمحامين.  وتتميز انتخابات هذا العام بكونها اول انتخابات للهيئة منذ عقود لا تسعى فيها السلطة ودون خجل الى فرض فوز مرشحها،  وذلك بعد الإعلان الصريح للحزب الحاكم قبل أسبوع عن عدم تبني اَي مرشح من المرشحين.

احد المحامين المرموقين والذى طالما عانى فى الفترات الماضية من انحياز السلطة ضده لمنعه من الفوز، بل ومضايقته وسجنه فى العقود الماضية لدفاعه المستميت عن حقوق الانسان ووقوفه مع المعتقلين من سياسيين وإعلاميين وحقوقييين. يقرر اليوم الترشح مجددا لانتخابات هيئة المحامين مراهنا على التوجه الجديد للنظام نحو التغيير والإصلاح وايضا على مصداقيته وسمعته فى أوساط المحامين، انه الاستاذ ابراهيم ولد ابتي.

التقته صحيفة اقلام وأجرت معه  المقابلة التالية:

 

اقلام:  سبق لكم الترشح لرئاسة الهيئة الوطنية للمحامين ولَم يختركم زملاؤكم لقيادتها.. ما لذي تغير اليوم ليجعلكم تترشحون مجددا؟ 

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  موريتانيا عرفت تغيرات  كثيرة تجسدت في قطيعة مع الممارسات السابقة فيما يتعلق بالتعاطي مع الشأن العام ومع المجتمع السياسي ، فهذه التغيرات نريد منها أن تكون جوهرة تدفعنا إلي العمل الجاد لنرفع من شأن مهنتنا بمواكبة هذه التغييرات التي يعول عليها كثيرا وتعطي آمالا كبيرة لمستقبل واعد علينا أن نعمل من أجل استخلاص الدروس منها.

 

اقلام: زيادة على التغييرات التى ذكرتم، على ماذا  تراهنون  هذه المرة؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  أراهن أساسا علي تجربتي وقدرتي علي العمل الجماعي وعلاقاتي الواسعة محليا ودوليا وعلى مكانتي في الحقل القضائي والمهني واستخلاص الدروس من كل التجارب المتعلقة بتسيير المهنة والعلاقات مع الدولة ومع كل مكونات المجتمع وهي العلاقات التي كنت دوما أعمل على صيانتها وتوطيدها لأنها تجسد قناعة راسخة لدي كما أنه بفضل العمل الدؤوب المبني على التشاور والإنصات للآخرين وتبادل الآراء معهم قبل اتخاذ القرار سنتوصل إلى ما نصبوا إليه.

 

اقلام: ما هي ابرز المشاكل والصعوبات التى تواجه المحامين وتدفعكم فى كل مرة للترشح؟

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  أبرز المشاكل والصعوبات التي تواجه المحامين وتدفعني للترشح يمكن تلخيصها في:

- ضرورة إعادة تأسيس و تنظيم الهيئة الوطنية للمحامين من خلال تفعيل الجمعية العامة والعمل على تحديدها للتوجهات والقرارات التي تلزم النقيب والمجلس بتنفيذها بين جمعيتين عامتين

- لم شمل المحامين بمختلف مشاربهم وتنوعهم واختلاف آرائهم حتي تكون المرجعية في التعاطي مع الهيئة يكمن في التعاطي مع المحامي.

- العمل على التكوين وإعادة التكوين بتبادل المعلومات والخبرات وأساليب الممارسات العملية حتى يتم توحيدها والرفع من المستوي العام باستخدام الطاقات الذاتية المتنوعة وفتح جسور مع نقابات المحامين في العالم لنكسب منها وتكسب منا خبرة وتقنية.

- العمل على تنظيم وعقلنة العلاقات مع كافة المحاكم كسبا للوقت ودفعا لنوع وتنوع الأداء

- تنظيم العلاقات مع وزارة العدل ومع كافة مكونات الدولة حتى تعي ما يمكن أن يقدمه المحامي من خدمات مختلفة تؤمن معاملاتها فيما بينها ومع الآخرين.

- القيام بحملة تحسيسية اتجاه كل أجهزة الدولة والقطاع الخاص حتى تتم بلورة وفهم ما يمكن أن يقدمه المحامي من خدمات تساهم في حسن الأداء وتأمين كل المعاملات.

 

اقلام:  قلتم فى مقابلة سابقة قبل سنوات وفى موسم انتخابي ان اَي مرشح لهيئة المحامين  يراهن على علاقاته مع السلطة السياسية سيكون مصيره الفشل.. بينما فشلتم أنتم  حينها في في الفوز وفاز الطرف الذي راهن حينها على دعم السلطة السياسية. 

هل أصبحتم اليوم أكثر واقعية أو مرونة فى التعاطي مع السلطة؟ 

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  مقولة قلتها في ظرفية سياسية معينة ونحن اليوم نعيش ظرفية سياسية أخرى وكمبدإ عام فإن من يراهن علي الآخرين لا يعي مكانة وقوة المحامي التي يكتسبها من جدارة قلمه وقوة كلمته وشجاعته، ذلك أن هذه المميزات الأصيلة التي تخص أداء المحامي وفهم أدائه هي جوهر قوته وتعاطيه مع الشأن العام وعلاقاته مع السلطة ومع كل القوي السياسية حتي يظل مستقلا دون أن يدخل لا في الولاء ولا في المصارعة ليترفع ويكون ملاذا للجميع كلما دعت الضرورة لذلك.

 

اقلام:  حزب الاتحـاد من اجل الجمهورية اعلن عدم تبنيه لأي من المرشحين، هل يمكن تصديق أن النظام يرفع يده بهذه البساطة عن هيئة مهمة خصوصا وان بعض المحامين يقولون بان القرار هدفه الأساسي تمهيد الطريق لفوزكم؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  لقد أصدر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في عملية انتخابات المحامين الموريتانيين بيانا بحياده ونشرت فور علمي بذلك البيان تصريحا وصفت فيه التصريح بالتاريخي، إذ اعتبرته تصريحا سجله الحزب في تاريخ الهيئة الوطنية للمحامين بحروف من ذهب سيكون له ماله في تاريخ بلادنا، 

وإن اعتبر البعض أن هذا القرار يمهد لفوزي فهذه مفخرة، تدل على وجود إجماع حول ترشحي كمترشح مستقل لهذا المنصب لما أحرص عليه من استقامة وابتعاد عن التجاذبات السياسية مهما كانت وحتى القبلية والجهوية والاديولجية وكل المفاهيم الضيقة لكوني أطمح إلى أن أكون الشخص الذي له كل المواصفات للإشراف والقيام بتسيير هذا المرفق العمومي بالتعاون مع السلطات العمومية الشريك الحقيقي للهيئة.

 

 اقلام: تضمن برنامجكم الانتخابي الكثير من الوعود فى حين ان الموارد المالية لهيئة المحامين محدودة وتقتصر على اشتراكات أعضاءها وهذه تعرف بعض النقص فى تحصيلها.. كيف ستحققون تلك الوعود حتى لا تظل وعودا انتخابية لا غير؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  إن برنامجي لم يتضمن وعودا بل اقتراحات للقيام بإنجازات ينفذها النقيب والمجلس وكل المحامين بفضل مجهودهم المعنوي والمادي، فالمال الضروري لإنجازها هو من إمكانيات المحامين وبإرادتهم ومصادره متنوعة من اشتراكات والطابع المهني الذي أنشأه القانون الجديد وسيدر دخلا مهما يمكن من مواجهة كل متطلبات المهنة، كما سنبحث بالطرق الشرعية عن موارد أخرى ومساعدات لنضمن بذلك تحقيق هذا البرنامج.

 

اقلام: يطبــع التوتــر من حين لآخر العلاقة بيــن المحامين والنيابة العامة والمحاكم ومع وزارة العدل ماذا يمكنكم تقديمه فى حال فوزكم لتطبيع علاقات المحامين مع شركاءهم الاساسيين؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  تتحدثون عن توتر العلاقات بين المحامين والنيابة العامة والمحاكم ووزارة العدل، وللرد على هذا السؤال أريد أن أبين أن برنامجي الانتخابي الذي تم نشره في الأيام الماضية تضمن الرد على كل هذه الإشكاليات التي يمكن أن تعيق العلاقة بين المحامين والنيابة العامة والمحاكم و وزارة العدل، ذلك أني عازم على إعادة تنظيم وعقلنة هذه العلاقات التي يجب أن تعتمد الاحترام اللازم والمتبادل حتى نقوم معا بإصلاح العملية القضائية، سأعتمد جلسات عمل دورية مع وزير العدل وسائر المحاكم ومختلف مكونات النيابة العامة حتى نضع معا آليات عمل متفق عليها تجنبا لكل توتر وسيساعدنا ذلك في تسيير الوقت وأدوات العمل، على أن تكون تلك الجلسات موضع محاضر نتبادلها لتصبح مرجعية في الدفع إلى الأمام بالعملية القضائية.

 

 اقلام: فــى تقديــركم، وأنتــم اعرف العارفين بالمجال، هل حصل تطور  مع النظام الحالي فى مجال حقوق الانسان وإصلاح  القضاء؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  أنا فعلا من العارفين بكل المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان لمواكبتي إياها والعمل في إطارها سنين، كانت توصف بالمراحل الاستثنائية. واليوم نسعى لتجاوز وجعل تلك الحقب مراحل تاريخية يتعين استخلاص كل الدروس منها وتمكين النظام الحالي من الاستفادة من تلك الدروس حتى يتم تطوير التعاطي مع حقوق الإنسان من خلال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وآليات مناهضة التعذيب وكل المنظمات الناشطة في المجال، مع أنه يلاحظ تحسن في الأداء من حيث احترام حرية الآخرين سياسيين ومجتمع مدني والتعاطي مع الشأن العام في كافة جوانبه من حيث التحقيق وإسناد للقضاء مهام التحقيق في مختلف المجالات تكريسا لمبدإ فصل السلطات الذي هو جوهر العمل الديموقراطي .

 

أما إصلاح القضاء فجوهره يكمن في رفع اليد عن توظيفه كأداة لتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين كما وقع سابقا مع محمد ولد بوعماتو والمصطفي الإمام الشافعي وآخرين، حتى أن القضاء أعاد لهؤلاء الاعتبار بعد أن ظلوا ضحية توظيف القضاء لمآرب لا علاقة له بها.

أما إصلاح القضاء فهو عملية أعمق وتتطلب تفكيرا وتبادلا للآراء بين كافة مكوناته حتى يتم رسم آليات تمكن القضاء من لعب دوره الذي أسند له المشرع لأمن الأشخاص في وجودهم وفي مملتلكاتهم حتى ندفع به إلى بناء دولة القانون.

 

  اقلام:  مــاهي فــى تقديركـــم حــدود العلاقة الطبيعية التى يجب ان تكون بين هيئة المحامين والسلطة وتحصن الاولى من الاحتواء؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  العلاقة الطبيعية ما بين السلطة والهيئة الوطنية للمحامين تعتمد على الاحترام المتبادل المنصب على أن يعي كل طرف مكانه وعلاقته بالآخر باعتبار هذه الهيئة مرفقا عموميا أسندت الدولة تسييره للقائمين عليه وهو ما يتطلب أن يعوا مالهم وما عليهم وأن يتفهموا نوع وأهمية العلاقة التي تربطهم بالدولة من خلال كافة مكوناتها، وحتى تظل تلك العلاقة طبيعية ونوعية لابد من التفكير في تنظيم تلك العلاقة من خلال اجتماعات دورية يتم خلالها تقويم العلاقة حتى لا تشوبها شائبة وتظل الأداة التي تمكن المحامين من المساهمة في كل عمليات الإصلاح وتطوير القضاء في بلادنا.

 

 اقلام: اشتهرتـم كمحــامي بوقوفكم الـدائم إلــى جانب المعتقليـــن السياسييــن وضحايا القمع والدفاع عن حرية التعبيــر وحقوق الانسان.. هل تتعهدون للراي العام بأنكم بعد فوزكم لن تهادنوا النظام حين يتعلق الامر بانتهاكات حقوق الانسان وحرية التعبير؟

 

الاستاذ ابراهيم ولد ابتي:  فعلا أنا من الذين دافعوا عن كل ضحايا القمع وعن حرية التعبير وحقوق الإنسان، ففي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وحتى بداية الألفية عرفت موريتانيا كل أنواع انتهاك الحريات مرورا بمحاكمات السياسيين من بعثيين وإسلاميين وزنوج وناصريين وآخرين كثر كنا دوما في طليعة الدفاع عن هؤلاء فواجهنا الحصار والحرمان وحتى السجن ولكننا كنا دوما رافعي الرأس خدمة لبلدنا وتكريسا للحريـات والديمقراطيــة.

اليــوم أعتبـر أن الوضع مختلف لما للحريات وحقوق الإنسان من مكانة في بيان حزب الاتحاد من أجل الجهمورية الأخير الذي يشكل توجها سياسيا جديدا في فهم وتكريس مكانة الحريات وحقوق الإنسان واحترام هيئات المجتمع المدني، وسأظل متشبثا بحماية الحريات وحقوق الإنسان حتى ينعم الجميع بها وتتمكن السلطة الحاكمة من الوفاء بالتزاماتها المحلية والدولية في صيانة تلك الحقوق.

 

خميس, 09/07/2020 - 23:43