على متن الرحلة FP 0609 : شعور مواطن

باريس - أطار  2019/11/16

وجدت نفسي اليوم في مطار شارل ديغول بين عدد كبير من السياح متجهين إلي موريتانيا الحبيبة وإلي مدينة أطار بالتحديد، كانوا مسرورين بهذا السفر وقد لاحظت انهم ينظرون إلي بإستغراب أثناء الإجراءات لأنني الأجنبي الوحيد بينهم قبل أن يحدثني بعضهم ويدركون أنني موريتاني.

شعرت بالفخر لأنني أري ولأول مرة هذا العدد الكبير من السياح على متن رحلة متجهين إلى بلدي، بعضهم زار أطار أكثر من مرة، والبعض يزوره لأول مرة. حدثوني خلال الرحلة عن بعض المواقع الأثرية بالولاية وعن تاريخها. شعرت بالإحراج وانا أسمع أسماء بعض المواقع في إحدى ولايات وطني ولأول مرة. جاريتهم في حديثهم وإهتمامهم بالموضوع رغم الألم الذي أحسست به وانا أردد في نفسي، أي عيب هذا أن يحدثك أجانب عن وطنك وتاريخك وشعبك، مع أنني زرت ولاية آدرار هذه السنة ولأول مرة في مناسبة سياسية.

قبيل الحملة الرئاسية زرت مدينة أطار في مهمة سياسية قادما من تجكجة عبر الطريق الرابط بينهما على متن سيارة في رحلة شيقة ومتعبة وقضيت يومين في شنقيط العريقة، حيث صليت بمسجدها العتيق المعطر بأريج التاريخ والعلم، وزرت مكتبة أهل حبت العريقة والتى تعد من أقدم المكتبات وأغناها في موريتانيا، وقرأت بعض المخطوطات النادرة والتى تعود إلى أكثر من ألف عام، ونفائس الكتب التي نهل منها رجال حملوا إسم شنقيط قبل موريتانيا إلي آفاق بعيدة وكتبوا لنا مجدا مازلنا نعيش عليه ونتميز به ويرفع رؤوسنا حيث ما حللنا( تتوفر مكتبة أهل حبت على قرابة 2000 كتابا من بينها حوالي 1400 مخطوطا).

يزورنا السياح اليوم للتعرف على هذا المجد الذي خلف لنا أسلافنا، لكنهم أيضا سيأخذون صورة عن مجتمعنا عن بلادنا بصفة عامة، تماما كما حدث معي وأنا أصل فرنسا سنة 2003 طالبا.

وصلت مطار شارل ديغول صباحا, دلفت الي قاعة الركاب مشدوها بنظافة المطار والتنظيم الجيد والإستقبال ومع أنني قضيت  15سنة طالبا في فرنسا وسافرت مرارا وتكرارا إلا أن تلك الصورة الأولى مازالت حاضرة في ذهني إلى اليوم, لذلك اطلب منكم جميعا ان تحرصوا كل الحرص على أن يحظى هؤلاء الأجانب بأكبر قدر ممكن من حسن الإستقبال وأن يكون المطار نظيفا جدا وافراد ألإدارة وألأمن في أحسن هيئة تعلوا وجوههم علامات السرور والإبتسامات العريضة والظرافة وهندام حسن, فإنكم تمثلوننا جميعا وتعطون صورة عن هذا الوطن العزيز والشعب الكريم المضياف.

وأتمنى أن تتبنى الدولة برنامجا سنويا تنظم من خلاله رحلات إلى ثلاث ولايات من الوطن وأن يكون ذلك إجباريا  ومخصصا لطلاب الجامعة حتى نتغرف على بلادنا وتراثها وتاريخها، وأن يكون الأمر كالتالي:

-  تقوم وزارة التعليم العالي أو الجامعة بنقل الطلاب الى الولايات المعنية. 

- تتولى المجالس الجهوية ضيافة الطلاب وتنقلاتهم داخل الولاية.

- بعد عودتهم يقدم الطلاب تقاريرا  عن المناطق التي زاروها أمام زملائهم.

إن قطاع السياحة يعتبر من أهم القطاعات ويمكنه أن يلعب دورا مهما في تحريك عجلة نمو ألإقتصاد الوطني مما يستوجب من جميع الجهات المعنية إيلاء ألإهتمام بهذا القطاع والإلتفات إليه بإعتباره أحد القطاعات الإقتصادية الهامة ليصبح قطاعا إقتصاديا وإجتماعيا مستداما بطريقة تعكس الإرث الثقافي للبلد ويشجع السياحة الداخلية، ففي تضاريس عروس الشرق( مدينة لعيون) وهضاب تكانت وغابات سيلباب ما يشكل مصدر جذب ومتعة للزائر، كما أن جميع ولاياتنا يمكن أن تصبح أقطابا سياحية إذا توفرت ألإرادة.

 

حفظ الله بلادنا امنة مستقرة.

 

سلمت هذه الرسالة  (بتصرف) للسلطات الإدارية وألأمنية بمطار أطار وإستقبلتها بصدر رحب وسرور كبير( مدير المطار وقائد فرقة الدرك) فلهم جزيل الشكر.

 

 

ثلاثاء, 23/06/2020 - 09:53