وزارةُ الصحة وملامحُ المعركة مع كوفيد19

قبل أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا المستجد وباءًعالمياً، وازدات مخاوف دول قوية نتيجة السرعة الهائلة لانتشار هذا الفيروس، فأوقفت دول مثل فرنسا وإيطاليا وغيرهما الدراسة في المدارس والجامعات حتى إشعار آخر وحظرت التجمعات، وقد قُوبلت كل هذه الأحداث المتسارعة والمخيفة في الكثير من تفاصيلها من قبل الموريتانيين بالشائعات كالعادة، فأعلن رجل الشارع بنوعيه الافتراضي والواقعي إصابة صحفي بعد لقائه مع أحد أفراد الجالية المقيم في الصين، وبعد ذلك أُشيعت إصابة أحد عمال تازيازت القادم من دورة تدريبية في ألمانيا، لكن الوزارة الوصية نفت تلك الشائعات عبر تسجيل مصور لوزير الصحة.

وفي خضم هذا التوتر المثير للمخاوف أعلنت الوزارة الوصية عن أخذ تدابير إحتياطية وحثت المواطنين على توخي الحيطة والحظر، وجهّزت فرقاً للطوارئ بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية بحسب الوزير المعني، ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في التعجيل بالكثير من القرارات التي تتطلبها الظرفية، فأعلنت وزارة التجارةوالسياحة إلغاء رحلات مبرمجة من مدن فرنسية إلى مدينة أطار شمالي البلاد، وذلك بتعليمات مباشرة من فخامة رئيس الجمهورية.

مع كل هذه التدابير كان المواطن البسيط مسكون بخوف من وباء عجزت عن مواجهته دول متطورة، فالكل يخاف من أن تتحول بساطة الموريتانيين، وعدم تحفظهم إلى أهم وسيلة لنشر الوباء في بلدهم،لاقدر الله، لكن تعويلهم على الله كان الناظم الوحيد المتحكم في مؤشر الفزع لديهم.

كان كل شيء على مايرام بحسب المصادر الرسمية التي أعلنت مرات خلو البلاد من هذا الفيروس، آخرها في نشرة الثامنة ليلة السبت بالعربية، قبل أن يعلن وزير الصحة نفسه، تأكيد حالة لأحد الأجانب العاملين في كينروس تازيازت في مقابلته المباشرة مع التلفزيون الرسمي بلغة الفرنسية، وهنا بدا الأمر ملفتاً، فالوزير الذي كان من المفروض بحسب البروتوكول أن يتكلم بالفرنسية قاطع العميد يدالي حسن بالحسانية تحت طائلة مزدوجتين استولتا على وقت مخصص للغة أخرى، على غير العادة، ورغم أن أسلوب معالي الوزير مطمئن في الكثير من تفاصيله، إلا أن العارفين بعلم النفس وبطبيعة الإعلام قديكون لهم رأي آخر.

البيان رقم واحد من وزارة الصحة عكس حقيقة لم ينتبه لها الكثيرون إلا بعد تجاوز صدمات الخبر، فقد بدأ ب: " في مارس الماضي...ومواطن خارجي" أبانت هذه الجمل الخارجة عن سياقها عن خلفية لم نكن نتمنى أن تكون وراء الصورة الناصعة التي عكسها معالي الوزير في تعامله مع إدارة المعركة في مراحلها الأولى على الأقل، حتى الرقم واحد يُخفي خلفه متتالية من البيانات نرجو أن تكون مبشرةً، صحيح أن الطوارئ تفرض سلوكاً معيناً، لكنها في المقابل تظهر رابطة جأش لدى أصحاب القرار، وشجاعة قد تطلب نوعا من الصراحة، تماماً كما فعل رئيس الوزراء البريطاني في تصريحه الأخير الموجه لشعبه  .

لن نلوم وزارة الصحة فقد قدمت كل ما في وسعها، لأن المسؤولية الآن أصبحت مسؤولية الجميع، لكننا نطالب من يديرون القطاع واللجنة الوزارية المكلفة بمراعاة الجوانب النفسية لمجتمع هش يتغذى على الشائعات في زمن الخوف، وهذا يتطلب بالضرورة إدارة الشق النفسي من المعركة بكل احترافية،  سلَّم الله بلادنا مِنْ كلّ مكرُوهْ...

 

د.أمم ولد عبد الله

 

سبت, 14/03/2020 - 22:34