أراك ، يا بـيـــرامه، بــَـرَمـــــًا وقـــرونـــًا​

البَرَمُ‏:‏ الذي لا يدخل مع القوم في الميسر لبُخْله.

والقَرُون‏:‏ الذي يَقْرِن بين الشيئين‏.‏ 

وأصل المثل عند العرب أن رجلا كان لا يدخل في الميسر لبخله، ولا يشتري اللحم. فجاء إلى امرأته وبين يديها لحم تأكله. فأقبل يأكُلُ معها بَضْعَتين بضعتين ويَقْرِن بينهما. فقالت امرأته‏:‏ أبَرَماً قَرُوناً، أي أراك بَرَما وقَرُونا‏.‏ 

يضرب المثل لمن يجمع بين خصلتي سوء مكروهتين‏.‏

وفي أيامنا الحاضرة يصدق هذا المثل على بيرامه ولد الداه ولد أعبيدي وما آلت إليه أحواله وتكشف للناس من أسراره، وما تهتك من ستره وانكشف من تخطيطه. فبيرامه يبغض بلده بغضا شديدا، ويحنق عليه حنقا شديدا، ثم يتآمر مع الأجنبي علنا ويطلب مساعدته لتدمير وطنه وتحويله إلى بؤرة توتر ومستنقع فتنة ودار حرب.

استقبلك السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ وكان في غنى وكثير شغل أن لا يستقبلك ولا يستمع لتنظيراتكولا إلى تكاذيبك. أفسح لك المجال، وبأدب ووقار وبالوقت الكافي، ليستمع إلى وجهة نظرك. وشرح لك رؤيته لمستقبل البلد؛ وانتشاله من براثن الجهل؛ وتخليصه من جيوب الفقر والإقصاء والتهميش؛ عن برنامج تعهداتي الذي يسعى إلى إحداث نقلة نوعية فورية في حياة المواطنين والمهمشين منهم خاصة. استمعت، يا بيرامه، بخشوع وإنصات وأدب ، وفؤادك فارغ، لا يعتصره ألم لحال البائسين ولا قلق لأحوال المهمشين؛ لأن ما يهمك في الأساس ليس المعاناة ولا التفاوت ولا الإقصاء. ما يهمك هو أن تتسلق عبر هذا إلى مآربك الشخصية ونزواتك الفردية ولا يهمك بناء الوطن، ولا تعايشه وسلمه ولا المواطن ولا عافيته، ولا طمأنينته. ما يهمك هو أن تصعد من سلّم معاناة الفئات الهشة والمقصية إلى المناصب والمكاسب والحظوة والجاه والثروة.

 

وتتباكى علنا على حال  الإنسان، وتؤلب العالم على بلدك وأبناء وطنك! أين كنت، يا بيرامه، أيام غمرت المياه مساكن سليبابي وجرفت السيول الإنسان والشجر والحيوان؟ بأوامر وتوجيهات وإشراف من السيد الرئيس تدخلت الحكومة وبسرعة. فكانت رحيمة شفوقة، قريبة ودودة. فتدخلت وأمدت يد العون. وبسطت أكفها تتلقى المواطنين.وتمسح دموعهم وتخفف من آلامهم. وتقف إلى جانبهم، وتشد من عضدهم في هذه الأيام الشديدة القائظة. أين كنت أنت يا بيرامه في هذه الأيام؟ إن كنت لا تذكر فنحن ما نزال نذكر! كنت في الديار الأوربية ترفل في الألبسة الحريرية الفضفاضة وتتمتع بالطقس الدافئ المعتدل. إن كان حقا يهمك الإنسان وتحزن لحاله وتفرق لمآله، لم لا تقتطع هذه الخرجة الاستجمامية وتشارك في أعمال الإغاثة أو على الأقل تواسي أهالي الضحايا وتقف إلى جانبهم في هذا الوقت الصعب.

 

وما رؤية الزعيم بيرامه لموريتانيا حين يصل الرئاسة، ويتسلّم مقاليد القيادة؟ أيخلصها من نظام الآبارتيد كما يصف هو بلده ويحرض عليه في محفل عالمي؟ ويسوسها بالعدل والسوية، والحكمة والرويّة؟ لا، لا شيء من هذا أبدا! ما يهم بيرامه بالأساس هو أن يسكن هو وزوجه وذريته قصر الرئاسة وأن تزغرد النسوة (والإماء منهن خاصة كما يقول هو في خطبه التحريضية) وأن تضرب الدفوف، وأن يخلد إلى الراحة والدعة وأن يأكل من الأطايب والرطب وأن يلبس من الملابس أفخرها وأغلاها. فحينئذ لا مشكلة تهميش أو إقصاء أو تفاوت. فموريتانيا حين يصل الزعيم بيرامه إلى سدة الرئاسة، وبشكل تلقائي أوتوماتيكي تنحل كل مشاكل التهميش والإقصاء والتفاوت.

ورؤية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لموريتانيا رؤية بعيدة النظر، عميقة الأثر، جليلة المعنى، معالمها بينة،وطرقها ظاهرة، ونهجها واضح، وتباشيرها واعدة.  ومن ضمن هذه الرؤية الطموحة المبشرة لموريتانيا عادلة متساوية متآخية ومرتكزة على قيم المواطنة كقيم تأسيسية، تم إنشاء المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء(تآزر). *وتهدف هذه المندوبية إلى تحقيق الحماية الاجتماعية واستئصال كافة أشكال التفاوت وتعزيز الانسجام الوطني وتنسيق كافة التدخلات في المناطق المستهدفة (*بحسب المرسوم الرئاسي المنشئ لهذه المؤسسة). 

*وسيرصد لهذه المندوبية غلاف مالي بمقدار 200 مليار أوقية قديمة خلال السنوات الخمس القادمة لتمويل المندوبية، وتمكينها من تنفيذ برنامج طموح للترقية الاقتصادية والاجتماعية لصالح الفئات التي عانت من عدم المساواة والتهميش وذلك عبر تعزيز أدوات الإنتاج وتطوير القدرة الشرائية لدى الفقراء وتمكينهم من النفاذ إلى خدمات التعليم والصحة والماء الصالح للشرب والسكن اللائق والطاقة (*بحسب المصدر السابق ).

وما حلول الزعيم بيرامه لمشاكل التعليم والتمدرس والصحة والولوج إلى الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وحال الفئات المهمشة وفك العزلة عن آدوابــه والمناطق المعزولة ؟ الحل السحري  لدى بيرامه جاهز وهو استغفال  عقول البسطاء، واللعب على طموحاتهم وآمالهم والتربح عبر المتاجرة والمزايدة بمعاناة هؤلاء العطشى والمغبرين في مساكنهم، من دون أن يمد يدا أو يبسط كفا أو يخفف معاناة أو يساهم في حلول عقلانية ومجدية ومستديمة لمشاكل المهمشين والمقصيين. 

انتشال الناس من الفقر والتهميش والإقصاء لا يتم عبر السباب والخصام والتدجيل،و لا عن طريق التآمر مع الأجانب سرا وعلانية، ولا  بتحين الفرص لإيذاء البلد وهز بنيته وتماسكه الاجتماعي، ولا بإحداث الفوضى والتشرذم والفتنة، إنـــمــا يتم عبر رؤية طموحة عارفة شاملة، وبرنامج عملي فاعل محدد. وهو ما تقوم الحكومة بتنفيذه حاليا وبتصميم كبير وثقة عالية في أن ترى أثاره الإيجابية المبشرة قريبا إن شاء الله.

في ظل قيادة السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني موريتانيا في أيد أمينة، متفانية، تحب الوطن، وتحب المواطن، وتحب هذه الأرض، وتحب شجرها وماءها وهواءها. في ظل أيامه الظليلة الوارفة، سيدلف المواطن إلى حقوقه بغير تنغيص ولا تعكير، وستخدم الإدارة المواطن، وتكون إلى جانبه قريبة منه، تؤازره وتسانده، وتحفظ أمنه وطمأنينته، وتسهر على مصالحه وما تيسر من تذليل همومه وبلوغ طموحاته وآماله في معروف. 

في ظل أيام السيد الرئيس، ستخمد هذه الدعوة البغيضة التي يجرها بيرامه وغيره من المتسلقين على رقاب المعاناة والتهميش والإقصاء، سيمكن هذا البرنامج قيد التنفيذ من انتشال الفئات الهشة وآدوابه والمناطق النائية والمعزولة، وتزويدها بالخدمات الأساسية من مياه وتعليم وفك عزلة وكهرباء. في قليل لن يسمع أحد إلا أهازيج الفرح ومواكب الإنجاز والوفاء تجول من منطقة إلى أخرى ولسان حالها يغني وينشد ويزمجر:

إنــي امــرؤ مـنِّي الــوفــاءُ سَــجِــيــة *** وجــزاء كـــل مــكــارم بَـــــذَّالِ.

 

سيد أحمد أعمر محم (إعــلامـي و كــاتـب)

جمعة, 21/02/2020 - 13:41